شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٧٠
عليه الحق في مقام إلهيته، فلا يعلم مهية كلمة (كن)، لأن كلامه عين ذاته (27) و مهية الذات غير معلومة لبشر. وإن كان بحسب تنزله إلى مرتبة الأكوان، إلى صورة من يقول (كن)، فيكون قول (كن) حقيقة، أي، حقيقة تابعة لتلك الصورة القائلة ب‍ (كن) التي نزل الحق إليها وظهر فيها وتكلم بكن، (28) فأحيا الأموات وخلق الطير، لأن الهوية الإلهية هي التي ظهرت في تلك الصورة، و أظهرت بعض صفاتها المختصة بمقام الإلهية لا غيرها.
(فبعض العارفين يذهب إلى الطرف الواحد) وهو أن الله هو المتكلم بكلمة (كن)، وهو المحيى والخالق لا غيره. (وبعضهم إلى الطرف الآخر) وهو أن المتكلم بكلمة (كن) والمحيي والخالق هو العبد بإذن الله. (وبعضهم يحار

(27) - قوله: (لأن كلامه عين ذاته...). قال شيخنا العارف الكامل، الشاه آبادي، دام ظله العالي: (ليس هذا الكلام القولي عين الذات، بل الكلام الذي هو عين، وهو كلام نفسي، عبارة عن إعرابه تعالى عما في غيب أحديته، تقدس وتعالى، بالتجلي الذاتي على الحضرة الواحدية، كما أن (كن) الذي وقع في قوله تعالى هو (كن) الوجودي الذي هو الفيض المنبسط. فقول الشارح في صدر الصفحة أيضا مردود). أقول: هذا مسلك الحكيم. وأما ذوق العارف فيقتضى غير ذلك. فإن الكلمات القولية أيضا تجلى الذات باسمه الظاهر (المتكلم)، كما أن الكلام القولي الأمري له والإطاعة الوجودية لنفس الأعيان، لا أن الإيجاد له تعالى على مسلكه، كما مر. وبالجملة بين كلماتهم وإن كان وجه جمع، كما جمع بينها صدر المتألهين، قدس الله نفسه. وذكرنا سر الاختلاف بينها في بعض الرسائل. إلا أن مسلكهم أدق وأخلى، ولكن بشرط سلامة الفطرة وعدم اعوجاج السليقة. (الامام الخميني مد ظله) (28) - واعلم، أن كلمة (كن) الوجودية إنما هي كلامه تعالى في مقام ظهوره تعالى أو تعينه باسم (المتكلم)، والكلمة نفس فيضه وأمره، وأنها لا يمكن أن تكون عين الذات، وما هو عين الذات عبارة عن الكلام الذاتي. ولعل الشارح كان من الأشعرية، قبل سلوكه و وروده في معارج العرفان. وهي، أي كلمة (كن) الوجودية، أول كلمة قرع أسماع الممكنات، أو أول كلمة شقت أسماع الممكنات. (ج)
(٨٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 865 866 867 868 869 870 871 872 873 874 875 ... » »»