سلم وجودهما في دار الدنيا بقوله: (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر). كما أثبت في عالم البرزخ بقوله: (القبر روضة من رياض الجنة (7)) للمؤمن (أو حفرة من حفر النيران) للكافر. وأمثال ذلك. وفي العالم الانساني لهما أيضا وجود، إذ مقام الروح والقلب وكمالاتهما عين النعيم ومقام النفس والهوى ومقتضياتهما نفس الجحيم، لذلك من دخل مقام القلب والروح واتصف بالأخلاق الحميدة والصفات المرضية يتنعم بأنواع النعم. ومن وقف مع النفس ولذاتها والهوى و شهواتها يتعذب بأنواع البلايا والنقم. وآخر مراتب مظاهرهما في الدار الآخرة. و لكل من هذه المظاهر لوازم يليق بعالمه. وكذلك للساعة أنواع خمسة (8) بعدد الحضرات الخمسة. منها ما هو في كل آن وساعة، إذ عند كل آن يظهر من الغيب إلى الشهادة ويدخل منها إلى الغيب من المعاني والتجليات والكائنات والفاسدات وغيرها ما لا يحيط به الا الله لذلك سميت باسمها (9). قال تعالى: (بل هم في لبس من خلق جديد)، (كل يوم هو في شأن). منها الموت الطبيعي كما قال، عليه السلام: (من مات فقد قامت قيامته). وبإزائه الموت الإرادي الذي يحصل للسالكين المتوجهين إلى الحق قبل وقوع الموت الطبيعي. قال عليه السلام: (من أراد ان ينظر إلى ميت يمشى على وجه الأرض فلينظر إلى أبى بكر). وقال: (موتوا قبل ان تموتوا). فجعل عليه السلام، الاعراض عن متاع الدنيا وطيباتها والامتناع عن مقتضيات النفس ولذاتها وعدم اتباع الهوى موتا. لذلك ينكشف للسالك ما ينكشف للميت، ويسمى بالقيامة الصغرى. وجعل بعضهم الموت الإرادي مسمى بالقيامة الوسطى لزعمه انه يقع بين القيامة الصغرى التي هي الموت الطبيعي الحاصل له في النشأة السابقة والقيامة الكبرى التي هي الفناء في الذات (10) فيه نظر لا يخفى على الفطن. ومنها ما هو موعود منتظر للكل كقوله تعالى: (ان الساعة آتية لا ريب فيها) - (ان الساعة (11) آتية أكاد أخفيها) و غير ذلك من الآيات الدالة عليها. وذلك بطلوع شمس الذات الأحدية من مغرب المظاهر الخلقية وانكشاف الحقيقة الكلية وظهور الوحدة التامة وانقهار الكثرة كقوله: (لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) وأمثاله. وبإزائه
(١٣٠)