شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٤٩
حينئذ يكون محمولا على أن (التوفي) عبارة عن رفعه إلى السماء، لا على المفارقة بين الروح وبدنه.
قيل: (8) إن حقيقة عيسى، عليه السلام، ظهرت بالصورة المثالية المتجسدة في هذا العالم. كما صرح هذا القائل بقوله: (فإنه روح متجسدة في بدن مثالي روحاني، لذلك بقى مدة مديدة). وفيه نظر. لأن الصورة المتجسدة لا يحتاج إلى الأكل والشرب في دار الدنيا، وقد قال الله فيه وفي أمه: (وكانا يأكلان الطعام). وأيضا، إنما يتجسد الأرواح بالصورة الحسية بأمر الله تعالى لمقاصد تتعلق بالعباد، فإذا انقضت، رجعوا إلى ما كانوا عليه. وذلك مدة يسيرة بين العباد الذين في دار الدنيا، لا مدة ألف سنة وفي السماء. والظهور ثانيا لا يحتاج إلى بقاء الصور المتجسدة مدة طويلة، لأن لهم قوة الظهور والتجسد في كل آن (1 - 8) (روح من الله لا من غيره فلذا أحيا الموات وأنشأ الطير من طين) واعلم، أن الأرواح المهيمة التي منها العقل الأول (9) وأرواح الأفراد والكمل كلها

(8) - والقائل هو الشيخ العارف، المولى عبد الرزاق الكاشاني. (ج) (1 - 8) - يمكن دفع إيراده بما قال الشيخ العارف، أستاذ مشايخنا، ميرزا محمد رضا قمشه‌اى:
(يمكن دفعه بأن مراد القائل بالصورة المثالبة المتجسدة في هذا العالم، البرزخ الواسطة بين الطبيعة الصرفة والمثال الصرف، أي، أول المثال وآخر الطبيعة، كبدن نبينا والأئمة من عترته، عليه وعليهم السلام. وحينئذ هو جامع لأحكام الطرفين من الطبيعة والمثال.
ويدفع اعتراضات الشارح على أستاذه العارف الكاشاني (قده)). أيها المستر شد، فانظر إلى ما حققه أستاذ العرفاء والحكماء المتأخرين، أستاذنا الأقدم (رض) المولى ميرزا محمد رضا إصفهاني.
(9) - ليس العقل الأول من الأرواح المهيمة. فإن الملائكة المهيمين مستغرقون في بحار أنوار جمال المحبوب، لا يفترون عنه طرفة عين، ولا يعلمون أن الله خلق خلقا، بل لا ينظرون إلى أنفسهم وكمالات أنفسهم. ولا بد في صيرورة العقل واسطة للإفاضة أن لا يكون بهذه المثابة. كما هو المقرر في محله. (الامام الخميني مد ظله) قال شيخنا الأقدم، ميرزا محمد رضا قمشه‌اى: (في جعل العقل الأول من الملائكة المهيمة، نظر. لأن الهيمان ينافي كون العقل الأول واسطة التسطير والترقيم. وإن قلنا فيه بالفرق بعد الجمع، لا يدفع ذلك أيضا). مراده (قده) أن العقل من الوسائط المفيضة للوجود، ولا بد أن يعرف أو يعلم ما يصدر عنه، وأنه يفعل في الوجود متشبها بالباري، ولا يعقل في العقل الفرق بعد الجمع. ويجب أن يعلم أنه ليس دليلا قطعيا على وجود المهيمين من الملائكة إلا الآحاد من الأحاديث المتشابهة. (ج)
(٨٤٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 844 845 846 847 848 849 850 851 852 853 854 ... » »»