شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٤٥
والإنباء إلا عند تحصيل شرائطها، كما أن نبينا، صلى الله عليه وسلم، نبي أزلا بالنبوة التشريعية (2) وغيره من الأنبياء لا يكون إلا عند البعثة. ولهذا السر جعل هذه الحكمة بعد الحكمة القدرية، لأنه بين الولاية فيها، وجعل لها النبوة العامة، وتكلم عليها بما قدر الله، فأردفها ليتكلم على بعض خواصها في الكلمة العيسوية. والله أعلم. شعر: (عن ماء مريم أو عن نفخ جبرين في صورة البشر الموجود من طين تكون الروح في ذات مطهرة من الطبيعة تدعوها بسجين) استفهام على سبيل التقرير. تقديره: أعن ماء مريم أو عن نفخ جبرئيل، أو عنهما معا، تكون هذا الروح؟ ف‍ (أو) بمعنى (الواو). و (جبرين) لغة في جبرئيل كجبرئيل. أي، يكون روح الله عن ماء مريم ونفخ جبرئيل معا حال كونه متمثلا في صورة البشر الذي خلق من الطين، كما قال تعالى: (فتمثل لها بشرا سويا).
فجسمانيته من ماء مريم، وروحانيته من نفخ جبرئيل، فإنه تلقاها من الله بغير واسطة وألقاها إلى مريم.
وإنما قال: (في صورة البشر) لأنه ملك ظاهر في الصورة البشرية وليس ببشر. و (الذات المطهرة) يجوز أن يكون مريم، عليها السلام، التي تطهرت من غلبة أحكام الطبيعة المطلقة عليها، أو من الطبيعة المسماة ب‍ (السجين). فالمراد

(٢) - قوله: (كما أن نبينا نبي أزلا...). فإن عينه الثابتة جامعة لجميع أعيان الموجودات، منهم المشرعين، عليهم السلام. فأعيانهم مظاهر عينه، صلى الله عليه وآله وسلم، في الحضرة العلمية، وأعيانهم الخارجية مظاهر هويته التي هي (الفيض المقدس) و (النفس الرحماني)، وكل الشرائع مظاهر شريعته، فهو خليفة الله أزلا وأبدا، كما أنه نبي ورسول كذلك. ولقد أفردنا، بحمد الله، رسالة في تحقيق سريان الخلافة والنبوة، وتفردنا فيها بتحقيقات أنيقة فضلا من الله تعالى ولى الهداية. (الامام الخميني مد ظله)
(٨٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 840 841 842 843 844 845 846 847 848 849 850 ... » »»