شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٨٣٥
فشرعوه.) تقدير الكلام: وأما نبوة التشريع والرسالة فمنقطعة، إلا النبوة العامة التي هي الإنباء عن المعارف والحقائق الإلهية من غير تشريع، فإنها غير منقطعة.
أبقاها الله لعباده لطفا عليهم وعناية ورحمة في حقهم. وأبقى لهم من التشريع أيضا نصيبا، لكن بحسب اجتهادهم، لا آخذا من الله بلا واسطة أو بواسطة الملك، فإنه مخصوص بالأنبياء، لأن المسائل الاجتهادية والأحكام الظنية نوع من التشريع، حاصل من المجتهدين فيه، وجعلهم من الورثة للأنبياء، كما قال صلى الله عليه وسلم: (العلماء ورثة الأنبياء). وليس لهم ميراث من أموال الدنيا، كما قال: (نحن معاشر الأنبياء لا نرث ولا نورث) (27) فميراثهم الأموال الأخراوية.
فالأولياء العارفون وارثون للأنبياء في المعارف والحقائق، والعلماء المجتهدون وارثون للأنبياء في التشريع بالاجتهاد. فالأولياء ورثة بواطنهم، والعلماء ورثة ظواهرهم، والأولياء العلماء ورثة مقام جمعهم. ولا تجتمع

(27) - ومن الواضح جدا أن ما هو كمال للأنبياء المواريث العلمية، لا الدنيوية. وأما المواريث الدنيوية لا تعد نقصا للأنبياء وغير منافية لشؤونهم. وما هو نقص للأنبياء التكاثر في الأموال. ولا خير في نبي فقير بحيث يسرى منه الفقر في أولاده. والخبر المشهور إما يدل على أنه ليس من شأن النبي جمع الأموال، أي، ليس في صدد بيان نفى مطلق المالكية والوراثة الدنيوية عن الأنبياء، لأنه مخالف لصريح الكتاب. وإما يدل على أنه ليس من شأن النبي التملك بشئ ولو كان يسيرا. ولو بقى منه بعد موته شئ قليل، لا يعتد به، فهو في ء على المسلمين، وحرام على زوجته وأولاده التصرف في شئ قليل قد وإني لا أظن أن يلتزم به أحد. والحق أن هذا الحديث، مع اشتهاره، من الموضوعات والمجعولات التي شهدت بصحته (العائشة) المسماة ب‍ (الأم المؤمنين)، و (الحفصة) بنت الثاني من الخلفاء الذي كان مصرا على تصرف الفدك متمسكا بالحديث الذي وضعه الخليفة الأول. وهذا الحديث أول رواية موضوعة لكسر حرمة العترة، مع أن مدينة علوم النبوية، سر الأنبياء والأولياء، على بن أبي طالب، وسيدة نساء الجنة، والحسن والحسين، وأكابر الصحابة، أطبقوا على عدم صدور الرواية عن النبي، عليه وعلى أهل بيته السلام. (ج)
(٨٣٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 830 831 832 833 834 835 836 837 838 839 840 ... » »»