منها حجب نورانية، ومنها حجب ظلمانية، كما قال، صلى الله عليه وسلم:
(إن لله سبعين ألف حجاب من نور وظلمة، لو كشفها، لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره).
(وليس هو الواحد عين الآخر، فإن الشبيهين عند العارف من حيث إنهما شبيهان غيران.) يجوز أن يكون (هو) تأكيدا للضمير المستتر. و (الواحد) عطف بيان له. و (عين الآخر) خبر (ليس). ويجوز أن يكون (هو) بمعنى ذلك، كما استعمل الشاعر بقوله:
فيها خطوط من سواد وبلق كأنه في الجلد توليع البهق أي، كان ذلك.
والإشارة إلى (الحجاب) أي ليس ذلك الحجاب الواحد عين الحجاب الآخر، يعنى، ليس تلك الصورة عين الصورة الأخرى، لأن الشبيهين غيران، إذ لا يمكن أن يكون الشئ الواحد شبيها لنفسه. فهما من حيث أنهما شبيهان غيران.
فقوله: (غيران) خبر (إن) بالكسر. و (شبيهان) خبر (أن) بالفتح.
تقديره: فإن الشبيهين غيران من حيث أنهما شبيهان.
(وصاحب التحقيق يرى الكثرة في الواحد، كما يعلم أن مدلول الأسماء الإلهية، وإن اختلفت حقائقها وكثرت، أنها عين واحدة. فهذه كثرة معقولة في واحد العين، فيكون في التجلي كثرة مشهودة في عين واحدة.) لما تكلم في الفرق، شرع يتكلم في الجمع بين الفرق والجمع. ومعناه: أن المحقق يرى الكثرة الواقعة في العالم موجودة في الواحد الحقيقي الذي هو الوجود المطلق الظاهر بصور الكثرة، كرؤية القطرات في البحر والثمر في الشجر والشجر في النواة، كما يرى الكثرة الأسمائية، مع أنها مختلفة الحقائق، راجعة إلى تلك الذات.
فهذه الكثرة الأسمائية معقولة في الذات الواحدة الإلهية، فعند التجلي بصور الأسماء تكون الكثرة الأسمائية مشهودة في عين واحدة معقولة. ولأجل هذا