ولكون الترقي ليس مخصوصا بطائفة وموطن معين وزمان خاص، قال:
(ومن أعجب الأمر أنه في الترقي دائما ولا يشعر بذلك، للطافة الحجاب ورقته و تشابه الصور مثل قوله: (وأتوا بها متشابها).) أي، ومن أعجب الأحوال أن الإنسان دائما في الترقي من حين سيره من العلم إلى العين، فإن عينه الثابتة لا تزال تظهر في صورة كل من مراتب النزول والعروج، وفي جميع العوالم الروحانية والجسمانية في الدنيا والآخرة، وكل صورة ظهرت هي فيها، كانت بالقوة فيها، وحصولها بالفعل بحسب استعداداتها الكلية والجزئية من جملة ترقياته، فلا يزال في كل آن مترقيا ولا يشعر به في كل زمان جزئي، وإن كان يشعر به بعد مدة، أو لا يشعر به أصلا. وذلك لتشابه الصور التي تعرض على عينه في كل آن، إذا كانت من جنس واحد، كما تشابه عليهم صور الأرزاق. قال تعالى: (كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا بها متشابها)...
قوله: (للطافة الحجاب ورقته) أي، ولا يشعر بصورة الترقي، للطافتها ورقتها. وإنما جعلها (حجابا)، لكون صور المراتب كلها حجبا للذات الأحدية: