شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٨٦
كل من اعتقد أن هوية الحق كذا وكذا، يرى يوم القيامة معتقده حقا واقعا، لأن الحق يتجلى له بذلك الاعتقاد فتنحل العقدة التي كانت على قلبه، و هي الحجاب المانع لكل أحد من انكشاف الغيوب لهم، فزال الاعتقاد الذي كان بالغيب بواسطة الحجاب، وعاد علما يقينيا لا يحتمل النقيض بمشاهدة الأمر على ما هو عليه.
قوله: (وبعد احتداد البصر، لا يرجع كليل النظر.) إشارة إلى بطلان قول من يقول: إن بعد الظهور التام يحصل الخفاء التام. كما يقول بعض الموحدين من التناسخية.
(فيبدو لبعض العبيد، باختلاف التجلي في الصور عند الرؤية، خلاف معتقده، لأنه لا يتكرر، فيصدق عليه في الهوية. و (بدا لهم من الله) في هويته (ما لم يكونوا يحتسبون) فيها قبل كشف الغطاء.) أي، فيبدو لبعض العبيد في تجلى الهوية أيضا خلاف معتقده في الدنيا، لأن الحق يتجلى في صور أسمائه المختلفة عند الرؤية. فبعد أن يتجلى له بصورة معتقده، يتجلى أيضا بصورة أخرى لم يعتقد تجلى الحق فيها، لأن التجلي لا يتكرر ليكون على صورة واحدة فقط، فيصدق عليه بحسب الهوية، و (بدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون).
وحديث (التحول) أيضا يدل على ذلك. وعدم معرفة الجاهلين بتجليات الحق لا يقدح في كونه تجليا.
(وقد ذكرنا صورة الترقي بعد الموت في المعارف الإلهية، (16) في كتاب التجليات

(16) - قوله: (وقد ذكرنا صورة الترقي...). اعلم، أن (الترقي) في البرازخ والدار الآخرة ليس من سنخ الترقي في الدنيا. فإن الدنيا دار الهيولى والاستعداد، وبه دارت الترقيات الجوهرية والاستكمالات الذاتية والنفسية. وأما ترقيات دار الآخرة، المعبر عنها بزيادة الدرجات مثلا وكذلك التي وقعت في البرازخ، فتكون بإلقاء الغرائب والحجب والكدورات والهيئات المظلمة بضغطة القبر والتعذيبات. نعوذ بالله منها. فتحصل التجليات بعد صفاء المرآة، وتقع الشفاعة الكبرى التي من الشفع. وتحقيق هذا المقام من مهمات علم السلوك والمعرفة، وليس هذا المقام يسعه. (الامام الخميني مد ظله)
(٧٨٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 781 782 783 784 785 786 787 788 789 790 791 ... » »»