شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٥٣
(ولها التثليث، فهي من الثلاثة فصاعدا؟ فالثلاثة أول الأفراد. وعن هذه الحضرة الإلهية وجد العالم). أي، وعن الحضرة الفردية وجد العالم. وهي باعتبار العالم الذي هو الحق، والمعلوم الذي هو العين، والعلم الذي هو الرابطة بينهما، إذ لو نقص شئ منها، لما أمكن وجود العالم. ولما كان باعتبار آخر يستدعى وجود العالم الفردية من كل من الطرفين، طرف الفاعل والقابل، أثبت من طرف الفاعل الفردية، وكذلك من طرف القابل، ليقابل كل منهما الآخر.
(فقال تعالى: (إنما قولنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون). فهذه ذات، ذات إرادة وقول. فلولا هذه الذات وإرادتها، وهي نسبة التوجه بالتخصيص لتكوين أمر ما، ثم لو لا قوله عند هذا التوجه (كن) لذلك الشئ، ما كان ذلك الشئ). أي، لو لا هذه الأشياء الثلاثة، التي هي (الذات) و (الإرادة) و (القول) ب‍ (كن)، ما حصل ذلك الشئ.
(ثم، ظهرت الفردية الثلاثة أيضا في ذلك الشئ). أي، الشئ الكائن.
(وبها) أي، وبتلك (الفردية) الحاصلة. (من جهته) أي، من جهة الشئ. (صح تكوينه). التكوين، جعل الشئ مكونا. فمعناه: أن الحق إذا أمر بالشئ بقوله: (كن)، يجعل ذلك الشئ نفسه موجودا.
ويجوز أن يكون بمعنى (التكون)، أي، بها صح تكونه. والمعنى واحد في الحقيقة.
(واتصافه بالوجود، وهو شيئيته وسماعه وامتثاله أمر مكونه بالإيجاد، فقابل ثلاثة بثلاثة، فإنه الثابتة في حال عدمها في موازنة) أي، في مقابلة. (ذات موجدها، وسماعه في موازنة إرادة موجده وقبوله بالامتثال لما أمره به من التكوين في مقابلة قوله: (كن)، فكان هو). أي، فحصل ذلك الشئ بامتثال أمر موجده. (فنسب (التكوين) إليه). فلو لا (أنه في قوته التكوين من نفسه عند هذا القول، ما تكون).
أي، الحق نسب (التكوين) إلى الشئ الذي يوجد في قوله: (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون). أي، فيكون هو بنفسه. فلولا أنه مستعد للتكوين وله قابلية لذلك من نفسه، ما تكون عند سماع هذا القول. وذلك الاستعداد
(٧٥٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 747 749 750 751 752 753 754 755 756 757 758 ... » »»