شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٥٢
وأما القاطعون هم الجنائب) أي، هم المحجوبون البعداء عن الحضرة ومعرفة حقائق الأشياء، وإن قطعوا براري عالم الملك بالاستدلال من الأثر إلى المؤثر بعقولهم المشوبة بالوهم المحجوبة عن حقيقة العلم. إذ هي جمع (جنيبة). وهي فعيلة من (الجنوب)، وهي البعد، كما قال:
هواي مع الركب اليمانين مصعد * جنيب وجثماني بمكة موثق وكان الحق أن يقول: فهم الجنائب. ب‍ (الفاء)، جوابا (أما)، لكنه حذف للضرورة. ولو قال: فهم جنائب، لكان أنسب.
(وكل منهم يأتيه منه * فتوح غيوبه من كل جانب) أي، كل واحد من القائمين، يأتيه من عند الله فتوح الأسماء الإلهية والتجليات الذاتية من جوانب الحضرات الروحانية والجسمانية. فضمير (منه) و (غيوبه) عائد إلى (الحق).
و (الفتوح) يجوز أن يكون مفردا بالمعنى المشهود المذكور. ويجوز أن يكون جمعا للفتح، كالقلوب للقلب. ويجوز أن يحمل (وكل منهم) على (القائمين) و (القاطعين). لأن المحجوبين أيضا لهم فتوح غيوب الحق من حضرات الأسماء التي تربهم وتختص بهم.
(اعلم، وفقك الله، أن الأمر مبنى في نفسه على الفردية). لما كانت (الحكمة الفتوحية) حاصلة من مفاتيح الغيب التي هي سبب الإيجاد، قال: (إن الأمر) أي، أمر الإيجاد. (مبنى في نفسه على الفردية) أو الشأن الإلهي وظهوره في نفسه بصورة خلقه مبنى عليها. أو أمره بقوله: (كن) مبنى عليها.
والمراد ب‍ (الفرد) هنا ما يقابل الزوج، لا (الفرد) الذي هو اسم من أسماء الذات بمعنى (الواحد).
(٧٥٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 746 747 749 750 751 752 753 754 755 756 757 ... » »»