شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٥١
مراكب النفوس الحيوانية، لأنها جمع) ركيبة) - كقبائل جمع قبيلة. وهي ما يركب عليه للوصول إلى المقصود، وما تحصل مقاصد النفوس الناطقة ولا تكمل إلا بها، فهي مراكبها.
(وذلك لاختلاف في المذاهب).
أي، وكون (الركائب) من (الآيات) الدالة على صدق الأنبياء، إنما هو لاختلاف في المذاهب، أي، في السلوك والسير إلى الله، إذ (المذهب) هو الطريق، كما يقال:
مذهب الشافعي كذا. أي، طريقه الذي ذهب إليه كذا.
وذلك الاختلاف مستند إلى اختلاف الاستعدادات، فإن بعض النفوس يسير عليها سيرا لا تزيغ أبصارهم إلى غير المطلوب، كما قال تعالى في نبيه، صلوات الله عليه: (ما زاع البصر وما طغى). فيصل إليه. وبعضهم لا يسيرون عليها نحو المطلوب، فيتيهون في السباسب ويبقون في ظلمات الغياهب، كما قال:
(فمنهم قائمون بها بحق * ومنهم قاطعون بها السباسب ) أي، فمن أصحاب تلك المذاهب، طائفة قائمة بتلك الركائب، أي، أقاموها في طاعة الحق والسير إليه باستعمالها فيه بالحق، لا بأنفسهم. ف‍ (الباء) الأولى للتعدية، والثانية للاستعانة.
(ومنهم قاطعون بها) أي، بتلك الركائب (السباسب). وهو جمع (سبسب). وهو البيداء والصحرا. أي، يقطعون بها البراوي والصحاري التي تاهوا فيها ولم يخرجوا عنها. وهي براري عالم الظلمات والأجسام. فالطائفة الأولى هم الذين علموا الأمر على ما هو عليه، وسعدوا. والثانية هم الذين بقوا في ظلمات الجهل، وبعدوا. وإليه أشار بقوله:
(فأما القائمون فأهل عين أي، أهل الشهود والعيان.
(٧٥١)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 745 746 747 749 750 751 752 753 754 755 756 ... » »»