شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٥٠
(من الآيات آيات الركائب) أي، من جملة الآيات والمعجزات، آيات الركائب، كالناقة لصالح و (البراق) لنبينا، صلى الله عليه وسلم (2) وأضاف (الآيات) إلى (الركائب)، وإن كانت هنا نفس (الآيات)، باعتبار المغايرة التي بينهما: فإن (الآيات) ليست منحصرة في (الركائب)، ولا كل (الركائب) من (الآيات). وهذه (الركائب) في الحقيقة صورة النفوس الحيوانية، وهي مراكب النفوس الناطقة، كما أن الأبدان

(٢) - قوله: (كالناقة لصالح) عليه السلام. أقول: الناقة لصالح كالعصا لموسى، والحمار لعيسى و (البراق) لمحمد، عليه وعليهم السلام. فإن لكل أحد من الأنبياء وغيرهم مركبا، هو نفسه الحيوانية الحاملة لحقيقته التي هي النفس الإنسانية. وتنسب بالصفة الغالبة إلى ما يتصف بتلك الصفة من الحيوانات، فيطلق عليه اسمه. فمن كانت نفسه مطواعة منقادة من غاية اللين حمولة قوية متذللة، فمركبه ناقة، ونسبتها إلى الله، لكونها المأمورة بأمره مختصة به في طاعته وقربه. وما قيل: (إن الماء قسم بينها وبينهم، لها شرب يوم ولهم شرب يوم). إشارة إلى أن مشربهم من القوة العاقلة العملية، ومشربها من القوة العاقلة النظرية.
وما روى أنها يوم شربها كانت تتفجج، فيحلب منها اللبن حتى ملأوا أوانيهم. إشارة إلى أن نفسه تستخرج بالفكر من علومهم الكلية الفطرية، العلوم النافعة للناقصين، من علوم الأخلاق والشرائع والآداب. وخروجها من (الجبل)، ظهورها من بدن صالح، عليه السلام. هذا هو التأويل، مع أن الإقرار بظاهرها واجب: فإن ظهور المعجزات و خوارق العادات حق، لا يمكن إنكارها ولا ننكر منها شيئا. وما يؤيد التأويل الخبر المروى عن النبي (ص) المذكور في كتب الفريقين: تسوية النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، عاقر الناقة بقاتل آدم الأولياء، على بن أبي طالب، عليهما السلام، حيث قال: (يا على أتدري من أشقى الأولين؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: عاقر ناقة صالح. ثم قال:
أتدري من أشقى الآخرين؟ قال: الله ورسوله أعلم. قال: قاتلك يا على. يخضب هذا بهذا). وأشار (ص) بيده إلى لحيته ورأسه. هذا ما ذكره العارف المحقق، ملا عبد الرزاق كاشاني ((تأويلات القرآن)، ط بيروت، ج 1، ص 443) في بيان تأويل الآية الكريمة: (هذه ناقة الله لكم آية فذروها تأكل في أرض الله). (ج)
(٧٥٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 744 745 746 747 749 750 751 752 753 754 755 ... » »»