وله أحدية الجمع بين الأسماء الإلهية والظهور بحكم كل منها على سبيل العدالة. وهو برزخ بين الظاهر والباطن، ومنه يتشعب القوى الروحانية والجسمانية، ومنه الفيض على كل منها، وهو صورة المرتبة الإلهية، كما أن الروح صورة المرتبة الأحدية، لذلك وسع كل شئ حتى الحق.
ولما كان كثير الشعب والنتائج، وكان شعيب، عليه السلام، كثير النتائج والأولاد متحققا بمقام القلب - مشاهدا للمعاني الكلية والجزئية متخلقا بالأخلاق الإلهية قائما بالعدل الذي هو سبب وجود العالم آمرا بإيفاء الحقوق في المكيال والميزان والقسطاس المستقيم بمقتضى استعداد كل من الناس - أضاف (الحكمة القلبية) إلى كلمته.
(واعلم، أن القلب، أعني قلب العارف بالله، هو من رحمة الله، وهو أوسع منها، فإنه وسع الحق جل جلاله، ورحمته لا تسعه). إنما قال: (أعني قلب العارف) لأن قلب غيره ليس مصطلحا عند الخواص، بل عند العوام، كما يسمى (لب) الشئ واللحم الصنوبري أيضا ب (القلب).
وإنما قال: (بالله) - دون غيره من الأسماء - لأنه مجمع الأسماء، و (القلب) قابل لفيضها كلها، والعارف به عارف بغيره، والعارف لغيره لا يكون عارفا به، إذ العارف بالأفعال وأحكامها ليس عارفا بالله وظهوراته وأسمائه.
وليس المراد هنا ب (الرحمة) الوجود، إذ القلب ليس أوسع من الوجود، (2) بل ما به يتعطف على عباده ويشفق عليهم ويرحمهم فيهب لهم الوجود. لذلك قال: (هو من رحمة الله) أي، صادر منها. وقال: (فان الحق راحم ليس