شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٤٦
فشطر المسجد الحرام منها، ففيه وجه الله). أي، الكامل أيضا مع علمه بوجوه الحق ومراتبه - وأن الحق متجلي في جميع الجهات - ينبغي أن يلازم شطر المسجد الحرام، ويتقيد بما يقتضيه حال الصلاة انقيادا لأمر الحق واتباعا لنبيه، وطوعا لشريعته الذي هو المقتدى للكل من حيث إنه مظهر الاسم الظاهر وتجلياته، ويعتقد بحسب الباطن أن هوية الحق في قبلته، لأنها بعض وجوه الحق لكن لا يحصرها فيها.
(ولكن لا تقل هو هيهنا فقط، بل قف عند ما أدركت والزم الأدب في الاستقبال شطر المسجد الحرام، والزم الأدب في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية الخاصة، (36) بل هي من جملة أينيات ما تولى متول إليها). (ما) بمعنى الذي.
(فقد بان لكن عن الله أنه في أينية كل وجهة). ولما كانت الأينيات عبارة عن الجهات - وكان بعضها حسية وبعضها عقلية وهي جهات الاعتقادات - قال: (وما ثم إلا الاعتقادات. فالكل مصيب). لأن كلا منهم يعتقد وجها خاصا من وجوه الحق. (وكل مصيب مأجور، وكل مأجور سعيد، وكل سعيد مرضى عند ربه، وإن شقي زمانا في الدار الآخرة (37) فقد مرض وتألم أهل العناية مع علمنا

(36) - قوله: (والزم الأدب...). أي، ألزم الأدب بحسب ظاهر الشريعة في الاستقبال شطر المسجد الحرام، وألزم الأدب بحسب باطنها وبحسب العمل القلبي في عدم حصر الوجه في تلك الأبنية. وقد ورد في أخبار أهل البيت، عليهم السلام، التمسك بالآية الشريفة لإتيان النافلة في السفينة، كرواية زرارة المروية عن تفسير العياشي وغيرها. (الامام الخميني مد ظله) (37) - قوله: (وإن شقي) بدخول النار، وكونه معذبا، والمرجع هو الرحمة على مذاقه. كما نقل عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم: ويشفع أرحم الراحمين عند (المنتقم). فالشقاء في زمان لا ينافي السعادة، كما الأمر كذلك في ابتلاء أهل السعادة في الحياة الدنيا بالأمراض والبليات. بل التعذيب ليس شقاء في الحقيقة، فإن دار الجحيم دار الشفاء الإلهي بالنسبة إلى العصاة من الموحدين قطعا، لخلوصهم فيها عن الأمراض النفسانية والكدورات الظلمانية، وبالنسبة إلى الجميع على طريقته، من كون المرجع هو الرحمة، وسبق الرحمة الغضب. (الامام الخميني مد ظله)
(٧٤٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 741 742 743 744 745 746 747 749 750 751 752 ... » »»