شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٣٨
فانتسب أهل العالم إليه تعالى.
(فقال) أي، رسول الله، صلى الله عليه، حكاية عن ربه أنه قال: ((اليوم أضع نسبكم وأرفع نسبي). أي، آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وأردكم إلى انتسابكم إلى). أي، اليوم آخذ عنكم انتسابكم إلى أنفسكم وذواتكم واجعل انتسابكم إلى، لتكون ذواتكم ذات الله وصفاتكم صفات الله وأفعالكم أفعال الله، فتفنوا فيه وتبقوا به. ف‍ (اليوم) عبارة عن حال الفناء في الحق، وهو يوم القيامة الكبرى، كما قال تعالى: (فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتسائلون) (27) (أين المتقون الذين اتخذوا الله وقاية، فكان الحق ظاهرهم، أي، عين صورهم الظاهرة). لما جعل انتساب العالم إليه في ذاته وصفاته وأفعاله ومنها ما هو محمود ومنها ما هو مذموم، قال: أين المتقون الذين جعلوا الحق وقاية لأنفسهم في ذواتهم وصفاتهم وأفعالهم، ليستروا ذواتهم في ذاته وصفاتهم وأفعالهم في صفاته وأفعاله. وهم الذين قيل عنهم - شعرا:
تسترت عن دهري بظل جناحه * فعيني ترى دهري وليس يراني فلو تسأل الأيام ما اسمى ما درت * وأين مكاني، ما درين مكاني (28) فيكون الحق عين صورهم الظاهرة - كما قال: (كنت سمعه وبصره...) - في نتيجة قرب النوافل.
(وهو أعظم الناس وأحقه وأقواه عند الجميع). أي، هذا المتقى هو

(27) - قوله: (إذا نفخ في الصور، لا يتسائلون) باعتبار فنائهم وفناء آثارهم وأنسابهم. ودر نفخه از ناحيه احكام اسماى جماليه. فإذا هم قيام، ينظرون للفصل والقضاء لينزل كل منزلته من الجنة والنار. وما قال رسول الله، عليه السلام، وذكره بهذا المضمون: أن في الآخرة لا حسب ولا نسب إلا حسبي ونسبي. يحمل على ما ذكرناه. (ج) (28) - والقائل هو أبو نواس. على ما ذكره الشارح الفرغاني. (ج)
(٧٣٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 733 734 735 736 737 738 739 740 741 742 743 ... » »»