(فلا تنظر العين إلا إليه ولا يقع الحكم إلا عليه) إذ لا موجود سواه ليكون مشاهدا إياه، بل هو الشاهد والمشهود، وهو الحاكم والمحكوم عليه.
(فنحن له وبه في يديه أي، نحن له عبيد وهو مالكنا، كما قال تعالى: (ولله ما في السماوات والأرض). و قيامنا ووجودنا به، وأزمة أمورنا وقلوبنا في يديه يتصرف فينا كيف يشاء.
وفي كل حال، فإنا لديه) أي، على كل حال من الأحوال، حسنة كانت أو سيئة، فإنا حاضرون لديه، لا ينفك عنا ولا ننفك عنه، كما قال تعالى: (وهو معكم أينما كنتم).
(ولهذا ينكر ويعرف وينزه ويوصف). أي، ولهذا الظهور في الصور المحدودة المختلفة ينكره المنكر الجاهل حين لا يراه بصورة عقيدته، و يعرفه إذا ظهر بصورة ما يعتقده. وينزهه المنزه، لأن من هو (كل يوم في شأن) و صورة، لا يكون له صورة معينة. هذا حال المنزه العارف. أو لاعتقاده أنه منزه عن الظهور بالصورة كما يقول: ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، وأمثال ذلك. و هذا حال المنزه الجاهل. ويصفه المشبه بالصفات الكمالية المشتركة بينه وبين خلقه.
(فمن رأى الحق منه فيه بعينه، فذلك العارف). أي، فمن رأى الحق الظاهر على صورته من الحق المطلق في عين الحق بعين الحق، فهو العارف. أو فمن رأى الحق من نفسه في نفسه بعين الحق، فهو العارف.
فالضمائر في الأول عائدة إلى (الحق). وفي الثاني ضمير (منه) و (فيه) عائد إلى (من). وضمير (بعينه) عائد إلى (الحق). إذ لا يرى الحق بعين