شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٣٧
(فالآخر عين الظاهر، والباطن عين الأول) (25) (الآخر) يطلق على معنيين: أحدهما، ما ذكره هنا، وهو كون الحق عين الأعيان الخارجية الموجودة في الخارج، لأنه آخر المراتب. وثانيها، كون الأعيان مستهلكة في الحق بالفناء فيه. فعلى الأول، (الآخر) عين الظاهر، والباطن عين الأول، لكون الحق باطنا و أولا ولا ظهور للأشياء.
((وهو بكل شئ عليم). لأنه بنفسه عليم). أي، لأنه يعلم ذاته وصفاته، وليس العالم إلا عين صفاته، فهو بكل شئ عليم بعين علمه بنفسه.
(فلما أوجد الصور في النفس وظهر سلطان النسب المعبر عنها ب‍ (الأسماء)، صح النسب الإلهي للعالم). (النفس الرحماني) عبارة عن هيولى العالم كله: الروحاني والجسماني. وسمى (نفسا) لنسبته إلى النفس الإنساني: فإنه هواء يخرج من الباطن إلى الظاهر، ثم باصطكاك عضلات الحلق يظهر فيه الصوت، ثم بحسب تقاطعه في مراتب الحلق والأسنان والشفتين تظهر الحروف، ثم من تراكيبها تحصل الكلمات، كذلك (النفس الرحماني) إذا وجد في الخارج وحصل له التعين، يسمى ب‍ (الجوهر) (26) ثم بحسب مراتبه ومقاماته الظاهر هو فيها، تحصل التعينات والحروف والكلمات الإلهية. فصور أعيان العالم كلها ظاهرة في (النفس الرحماني). فهو لها كالمادة للصور الجسمية. فلما أوجد الحق صور العالم في هذا النفس الرحماني وظهر سلطنة الأسماء الإلهية على مظاهرها، صح النسب الإلهي - بفتح النون هنا وبكسرها في الأول - صح للعالم أن ينتسب إلى الله بأنه مألوه ومربوب، والحق إله ورب. (فانتسبوا إليه تعالى). أي،

(25) - قوله: (فالآخر عين الظاهر). وبنظر آخر، الظاهر عين الباطن، والأول عين الآخر. فهو ظاهر من حيث هو باطن، وبالعكس، وأول من حيث هو آخر، وبالعكس. (الامام الخميني مد ظله) (26) - قوله: (وحصل له التعين...). بل نفس النفس الرحماني هو جوهر الجواهر. فإن الاستقلال كل الاستقلال له، وتعيناته هي العوارض المكتنفة به. (الامام الخميني مد ظله)
(٧٣٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 732 733 734 735 736 737 738 739 740 741 742 ... » »»