شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٠٨
(فهو (الله) لا غيره. ولذلك قال: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد).) أي، فالإسم المحتاج إليه، هو عين الله لا غيره، سواء كان من جنس العالم، أو لم يكن، لأنه إنما صار مفتقرا إليه باعتبار ربوبيته، وهي لله تعالى لا لغيره. وأيضا الوجود هو الله، والكمالات اللازمة له من الرزق والحفظ والربوبية كلها لله، فليس للعين من حيث إنه عالم إلا العجز والنقص وأمثالهما، كلها راجعة إلى العدم، فالعين من حيث إنها مغائرة للحق، ليست إلا العدم.
ولكون الفقر لازما لعين العالم، قال تعالى: (يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغنى الحميد).
((ومعلوم أن لنا افتقارا من بعضنا لبعضنا. فأسماؤنا)) أي، أسماؤنا الكونية، هي (أسماء الله). باعتبار التنزل والاتصاف بصفات الكون. أو ذواتنا أسماء الله تعالى، من حيث الربوبية والصفات الكمالية. وأسماؤنا الملفوظة أسماء تلك الأسماء (إذ إليه) أي، إلى الله. (الافتقار بلا شك). لا إلى غيره.
وإنما قال: (أسماؤنا أسماء الله). ولم يقل: ذواتنا، ليشمل أسماء الأسماء، لأنها أيضا أسماؤه تعالى، إذ هو الذي يتنزل بحسب المراتب، فيتصف بصفات الأكوان، ويتسم بأسماء الأعيان، كما قال: وهو المسمى بأبي سعيد الخراز وغيره.
(وأعياننا في نفس الأمر ظله لا غيره، فهو هويتنا لا هويتنا). أي، أعياننا الثابتة والموجودة كلها ظله، وظل الشئ عينه باعتبار، فالحق هويتنا من هذا الوجه، لا هويتنا من حيث امتياز الظل عن المظل. ولما كان هذا التحقيق إيضاحا للحق وطريقه، قال: (وقد مهدنا لك السبيل، فانظر) أي، عينا لك طريق الحق، فانظر فيه تجده. والله أعلم بالصواب.
(٧٠٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 703 704 705 706 707 708 709 710 711 712 713 ... » »»