شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٩٧
و (اللام) في (ليتجلى) لام الجحود، وهو لتأكيد النفي. كقوله تعالى: (و ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم). وقوله: (حتى) بمعنى (كي). وهو للتعليل، لا بمعنى (إلى). فإن قلت: تقرر عند أهل الحق أن الممكنات الطالبة للوجود العيني، كلها ظاهرة فيه، فكيف قال: (كما بقى في الممكنات التي ما ظهر لها عين في الوجود).؟
قلت: ذلك بحسب الكليات لا جزئياتها، وهو المراد هنا.
((ثم جعلنا الشمس)) أي، الوجود الخارجي الذي هو النور الإلهي، سماه شمسا باعتبار النور الذي مظهره الشمس. ((عليه)) أي، على الظل الذي هو أعيان الممكنات. ((دليلا)) يدل عليه ويظهره.
(وهو اسمه (النور) الذي قلناه) أي، (الشمس) هو الاسم النور الذي قلناه، وهو إشارة إلى قوله: (باسمه النور، وقع الإدراك). أو مظهر الاسم النور. وكلاهما حق. وذكر الضمير باعتبار الخبر. (ويشهد له الحس، فإن الظلال لا يكون لها عين بعد عدم النور). ظاهر.
((ثم قبضناه)) أي، الظل الذي هو وجود الأكوان. ((إلينا قبضا يسيرا).) قبضا سهلا هينا. (وإنما قبضه إليه، لأنه ظله، فمنه ظهر وإليه يرجع، وإليه يرجع الأمر كله). ظاهر. (فهو هو لا غيره. فوجود الأكوان عين هوية الحق لا غيرها. فكل ما ندركه، فهو وجود الحق في أعيان الممكنات). أي، كل ما ندركه بالمدركات العقلية والقوى الحسية، فهو عين وجود الحق الظاهر في مرآيا أعيان الممكنات. وقد علمت أن الأعيان مرآيا للحق وأسمائه، كما أن وجود الحق مرآة للأعيان. فبالاعتبار الأول، جميع الموجودات عين ذات الحق، والأعيان على حالها في العدم، لأن حامل صور الأعيان هو (النفس الرحماني)، وهو عين وجود الحق، والوجود الإضافي الفائض عليها، أيضا عين الحق، فليس المدرك والموجود إلا عين الحق، والأعيان على حالها في العلم. وهذا مشرب الموحد. و بالاعتبار الثاني، الأعيان هي الظاهرة الموجودة في مرآة الوجود، والوجود معقول
(٦٩٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 692 693 694 695 696 697 698 699 700 701 702 ... » »»