شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٧٠٣
الدالة عليه، كلها بحسب الحقيقة عينه، فهو الدليل على نفسه. (ولا يثبت كونه) أي، وجوده. (إلا بعينه). وذاته. (فما في الكون إلا ما دلت عليه الأحدية، وما في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة). أي، فليس في الوجود إلا ما تدل عليه الأحدية. ودلالته عليه إظهاره إياه، كما أن الدليل يظهر المدلول. وليس في الخيال إلا ما دلت عليه الكثرة. وهي الكثرة الأسمائية التي تظهر الصور الخيالية التي للأكوان بها. فهي دليل على ما في الخيال الذي هو الوجود الإضافي من الصور المتكثرة، كما أن أحدية الذات دليل على أحدية ذوات ما في الكون.
(فمن وقف مع الكثرة، كان مع العالم ومع الأسماء الإلهية وأسماء العالم).
لأن العالم والأسماء الإلهية هي التي لها التكثر. والمراد ب‍ (أسماء العالم) الأسماء التي يلحقه بالصفات الكونية، كالحادث والممكن وغيرهما، كما أن المراد ب‍ (الأسماء الإلهية) الأسماء التي تسمى الحق بها بالصفات الكمالية. ك‍ (العليم) و (القادر).
(ومن وقف مع الأحدية) أي، الأحدية الذاتية. (كان مع الحق من حيث ذاته الغنية عن العالمين). لا من حيث صورته (17) أي، صفاته، فإنها متكثرة.
والوقوف مع الأحدية من شأن الموحدين المحجوبين عن الخلق، وكونهم مظاهر الحق لاستهلاكهم فيه، كما أن الوقوف مع العالم من شأن المحجوبين عن الحق، لكونهم لا يشاهدون إلا الخلق. والأعلى من هذين المقامين مقام الكمل المشاهدين للحق في كل من المظاهر، ولو كان أحقر الأشياء. فيرون الحق مع الخلق والوحدة مع الكثرة، وبالعكس.
(وإذا كانت غنية عن العالمين، فهو عين غناها عن نسبة الأسماء إليها، لأن الأسماء لها كما تدل عليها تدل على مسمياة آخر تحقق ذلك أثرها) (18) أي، وإذا

(17) - واعلم، أنه إن كانت في الشرح: (من حيث ألوهيته، أي صفاته). فله وجه وجيه. و يكون المعنى في العبارتين واحدا من دون ترجيح بينهما. (ج) (18) - قوله: (لأن الأسماء...). لما كان (الاسم) عبارة عن الذات متعينة بتعين يصير منشأ لأثر، كان الغناء عن الأثر غناء عن الاسم أيضا، كما أن الغناء عن الاسم غناء عن الصفة التي هي مبدؤه أيضا. فهذا أحد معاني قول مولينا ومولى الثقلين، صلوات الله عليه وآله:
(الإخلاص نفى الصفات عنه). لشهادة كل موصوف أنه غير الصفة، وهو تعالى غنى عن غيره، اسما أو صفة أو عينا. (الامام الخميني مد ظله)
(٧٠٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 698 699 700 701 702 703 704 705 706 707 708 ... » »»