(إذا دان لك الخلق * فقد دان لك الحق) لما ذكر أن كل ذي روح إنما يتحرك بالتبعية لحركة الرب الحاكم عليه، أردفه بعكسه، وهو تبعية الحق للخلق. فقوله: (إذا دان لك) من (الدين)، و هو الانقياد والإطاعة، كما مر أن معناه: إذا أطاع لك الخلق وانقاد، فقد أطاع لك الحق، لأن طاعتهم ظل طاعته، وطاعة الحق سابقة على طاعتهم. وسبب هذه الطاعة طاعة عينك للحق بالقبول للتجلي الوجودي وحسن تأتيها لأحكام أسمائه. فإنه مطيع من أطاعه، كما قال: (أجيب دعوة الداع إذا دعان). إذ هو الانقياد والطاعة لقوله: (أدعوني أستجب لكم). وفي الحديث القدسي: (من أطاعني، فقد أطعته، ومن عصاني، فقد عصيته).
(وإن دان لك الحق * فقد لا يتبع الخلق) أي، إذا تجلى لك الحق وأطاعك وكشف أسراره عليك، فقد يتبع الخلق بقبول ذلك الأسرار وأحكام ذلك التجلي، كالمريدين والمؤمنين من الأنبياء والأولياء، و قد لا يتبع الخلق بامتناعهم من قبولها وإنكارهم لها، كالمنكرين والكافرين لأهل الله المطرودين من باب الله. وسبب ذلك الامتناع، امتناع أعيانهم في الغيب عن نور الحق وإبائهم عن قبوله، إذ ما يظهر عليهم إلا ما كان مكنونا فيهم.
أو (وإن دان لك الحق) الظاهر في صورتك، فقد يتبع الخلق بحكم المناسبة التي بينك وبينهم في الأرواح والأسماء التي يربها، (2) وقد لا يتبع الخلق الحكم،