من روحانيته يستفيد. ولقوة نورية روحه، عليه السلام، كانت صورته أيضا كاملة في الحسن والبهجة.
واعلم، أن النور الحقيقي هو الذات الإلهية لا غير، إذ هو اسم من أسماء الذات. وكل ما يطلق عليه اسم الغيرية والسوى، ظل من ظلالها، والأرواح و عالمها من ظلالها. وكونه نورانيا بالإضافة إلى عالم الأجسام.
ولما كان دخول الروح في عالمه الأصلي بواسطة العبور على الحضرة الخيالية التي هو (المثال المقيد) وبإشراق نور الروح عليها تظهر الصور المثالية، وجب انبساط النور على هذه الحضرة أولا، ليشاهد الروح ما يتجسد من المعاني الفائضة عليه فيها شهودا عيانيا، فيتمرن وينتقل منها إلى عالم (المثال المطلق).
فقوله: (هذه الحكمة النورية انبساط نورها على حضرة الخيال). معناه:
هذه الحكمة النورية عبارة عن انبساط نور الكلمة اليوسفية، وهي روحانية يوسف، عليه السلام، على حضرة خيالها، لتتنور، فيشاهد فيها المعاني المتجسدة. فضمير (نورها) عائد إلى (الكلمة). ويجوز أن يرجع إلى (الحكمة). ومعناه: هذه الحكمة النورية عبارة عن انبساط نور العلوم المنتقشة في الكلمة اليوسفية على حضرة الخيال، لأن الحكمة هي العالم بالحقائق على ما هي عليه، والعلم نور في نفسه منور لغيره. إلا أن الأول أولى. وفي بعض النسخ: (إنبساطها). والمعنى واحد.
(وهو أول مبادئ الوحي الإلهي في أهل العناية). أي، هذا الانبساط هو أول ظهور مبادئ الوحي في أهل العناية. وهم الأنبياء، عليهم السلام. وإنما كان أولا، لأن الوحي لا يكون إلا بنزول الملك، وأول نزوله في الحضرة الخيالية، ثم الحسية، فالمشاهد له لا بد أن يكون خياله متنورا، ليقدر على مشاهدته فيه، ثم في المثال المطلق، لأنه واسطة بين العالم الحسى والمثالي المطلق، فالنازل لا بد له من العبور عليه، والصاعد أيضا كذلك.
(تقول عائشة: أول ما بدء به رسول الله، صلى الله عليه وسلم من الوحي، الرؤيا الصادقة). أي، أول ما حصل لرسول الله، صلى الله عليه وسلم، من آثار