شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٤٣
يتميز السعيد من الشقي، لأنه يعرف أن الأمر كذلك، فسعادته بعلمه ومعرفته.
ومن لم يعرف ذلك، وأضاف الأفعال إلى القوابل، بعد عن الراحة العظمى والمثوبة الحسنى، فشقي، فشقاوته بجهله وعدم عرفانه (5) وضمير (لأنه) يجوز أن يعود إلى (الرب). أي، لأن الرب هو الذي يبقى على مربوبه ربوبيته بإفاضتها عليه دائما. ويجوز أن يعود إلى (المربوب). أي، لأن المربوب هو الذي يبقى على نفسه الربوبية بالقبول والاستفاضة من حضرة ربه. والأول أولى.
وما ذكره هو الشكل الأول من أشكال المنطق. كما نقول: كل من الموجودات مرضى عند ربه، وكل من يكون مرضيا عند ربه، فهو سعيد، تنتج: أن كل واحد من الموجودات فهو سعيد.
(ولهذا قال سهل (رض): إن للربوبية سرا - وهو (أنت) يخاطب كل عين -) (6) أي، بقوله: (أنت). (لو ظهر) أي، لو زال. قال صاحب الصحاح: يقال:
هذا أمر ظاهر عنك عاره. أي زائل. قال الشاعر:
وعيرها الواشون إني أحبها * وتلك شكاة ظاهر عنك عارها

(5) - قال شيخنا الأستاذ، دام ظله العالي: إن مناط السعادة والشقاوة مطلقا بالعلم والمعرفة، كما أن مناط كونه مرضيا أيضا كذلك. إلا أن الأول بعرفان العبد، والثاني بعرفان الرب.
ولا يخفى أن للسعادتين مرتبتين: مرتبة تابعة لكونه مرضيا، وهو حاصل مع جهل العبد أيضا. وسعادة أخرى تابعة للمعرفة وإسناد الأفعال والآثار والكمالات والوجود إلى الحق وسلبه عن غيره. (الامام الخميني مد ظله) (6) - قوله: (إن للربوبية سرا وهو أنت). واعلم، أن الربوبية في قوله ذلك هي الربوبية الذاتية المكتنفة بالأسماء والصفات التي منها الربوبية الأسمائية. وسرها، مرتبة ذات العبد وعينه الخارجية المكتنفة بالأسماء والصفات. فكما أن الحق ذاته ظاهر بصفاته وأسمائه و مظاهرها، كذلك العبد غيب بذاته ظاهر بأسمائه وصفاته. وليس معنى قوله ما ذكره الشارح. كما لا يخفى على أهله. (الامام الخميني مد ظله)
(٦٤٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 638 639 640 641 642 643 644 645 646 647 648 ... » »»