من الأمور التي هي مظاهر الأسماء الإلهية. غايته أن العارف يعرف أن الأمور كلها مجالي ومظاهر للحق، وغيره لا يعرف ذلك. فلا يمكن أن تعم الغفلة بحيث لا يكون الإنسان مشتغلا بحضرة من حضرات الحق، لا في عموم الحضرات، يعنى في جميعها، ولا في خصوصها، أي في حضرة خاصة. فهذا بالنسبة إلى الكامل. وإما غيره، فقد يغفل عن حضرة خاصة وإن كان لا يغفل عن جميعها.
(وقد أوضحت هنا سرا لم يزل أهل الله يغارون على مثل هذا أن يظهر) وهو إيجاد العبد بهمته أمرا ما، وحفظه إياه عند عدم الغفلة عنه. وإنما يغارون عليه من أن يظهر. (لما فيه) أي، في ذلك السر من رد دعواهم أنهم الحق.
(من دعواهم أنهم الحق) أي، دعواهم أنهم متحققون بالحق، فانون فيه بفناء جهة عبوديتهم في الجهة الربوبية.
(فإن الحق لا يغفل، والعبد لا بد له أن يغفل عن شئ دون شئ، فمن حيث الحفظ لما خلق) أي، فمن حيث إيجاده وحفظه لما أوجده. (له أن يقول: أنا الحق). إذا الخالق والحافظ هو الحق. ولما كان العبد لا يزال متميزا من الرب، بين الفرق بقوله: (ولكن ما حفظه لها حفظ الحق المبين). أي، ليس حفظ العبد لتلك الصورة كحفظ الحق لها. (وقد بينا الفرق) أي، بين حفظ الحق وحفظ العبد. وهو أن العبد لا بد له من الغفلة عن بعض الحضرات، وحفظه لتلك الصورة فيها بالتضمن والتبعية. بخلاف الحق، فإن له الحضور دائما مع جميع الحضرات، إذ (لا يشغله شأن عن شأن).
(ومن حيث ما غفل عن صورة ما) (ما) مصدرية. أي، ومن حيث غفلته (عن صورة ما. وحضرتها). أي، عن تلك الصورة الثابتة في حضرة من الحضرات وحضرتها. (فقد تميز العبد من الحق، ولا بد أن يتميز مع بقاء الحفظ