شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٦٤٤
قال (رض) في المسائل المذكورة في الجلد الثاني من فتوحاته: و (ظهر) هنا بمعنى (زال). كما يقال: ظهروا عن البلد. أي ارتفعوا عنه). وهو قول الإمام:
للألوهية سر، لو ظهر، (لبطلت الربوبية. فأدخل عليه (لو) وهو حرف امتناع لامتناع). أي، ولأجل أن كلا عند ربه مرضى، قال سهل هذا القول.
لأن الأعيان الثابتة أسرار الربوبية، وسر الشئ مطلوب بالنسبة إليه، فهي مرضية عند أربابها.
واعلم، أن سر الشئ لطيفته وحقيقته المخفية. والربوبية نسبة تقتضي الرب والمربوب. و (الرب) اسم من الأسماء، وهو في الغيب مخفي أبدا.
والمربوب أيضا كذلك، وإن كانت صورته ظاهرة، لأن المربوب في الحقيقة هو العين الثابتة، وهي مخفية أبدا لا تظهر في الوجود. لذلك قال (رض) في موضع آخر: (بأنها ما شمت رايحة الوجود بعد). وإليه الإشارة بقوله: (وهو أنت) أي، ذلك السر عينك الثابتة، فهما سران للربوبية.
وإنما اكتفى بقوله: (أنت) عن الرب، لأن المربوب الذي هو العين صورة ربه، فهو هو في الحقيقة لا غيره، وبالاعتبار يقع التغاير. ولو ظهر، أي لو زال السر الذي عينك، لبطلت الربوبية، لأن الربوبية لا تظهر إلا بالمربوب، فزواله موجب لزوالها. فلا ينبغي أن يحمل (الظهور) هنا على معناه المشهور، و إلا يلزم بطلان قوله: (لو ظهر، لبطلت الربوبية).
إذ بظهوره تظهر ربوبية ربه، كما قال الشيخ الأجل:
فلو لاه ولو لأنا لما كان الذي كانا (وهو لا يظهر، فلا تبطل الربوبية، لأنه لا وجود لعين إلا بربه، والعين موجودة دائما، فالربوبية لا تبطل دائما). أي، ذلك السر، الذي هو عينك لا يزول أبدا، فلا تزول الربوبية أبدا، إذ لا وجود للعين الموجودة في الخارج إلا بربها، والعين الموجودة دائمة في الخارج بحسب نشأتها الدنياوية والبرزخية والأخراوية،
(٦٤٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 639 640 641 642 643 644 645 646 647 648 649 ... » »»