لو لا طلب استعداده السؤال، ما سأل. (فغاية أهل الحضور الذين لا يعلمون مثل هذا) أي، في كل وقت معين. (أن يعلمون في الزمان الذي يكونون فيه، فإنهم لحضورهم يعلمون ما أعطاهم الحق في ذلك الزمان) أي، غاية أهل الحضور و المراقبة الذين لا يعلمون استعدادهم في كل زمان من الأزمنة، أن يعلموا استعدادهم في زمان حضورهم بما أعطاهم الحق من الأحوال. (وأنهم ما قبلوه إلا بالاستعداد). أي، ويعلمون أنهم ما قبلوا ذلك إلا بالاستعداد الجزئي في ذلك الزمان.
(وهم صنفان: صنف يعلمون من قبولهم استعدادهم) وهم كالمستدلين من الأثر على المؤثر إلى الأثر. (وصنف يعلمون من استعدادهم ما يقبلونه) كالمستدلين من المؤثر. (وهذا أتم ما يكون في معرفة الاستعداد في هذا الصنف) لأنه مطلع بعينه الثابتة وبأحوالها في كل زمان، بل بأعيان غيره أيضا وأحوالهم (في كتاب مرقوم يشهده المقربون). وهذا الكامل هو الذي يقدر على تكميل غيره من المريدين والطالبين. (ومن هذا الصنف من يسأل لا للاستعجال ولا للإمكان، و إنما يسأل امتثالا لأمر الله في قوله تعالى: (أدعوني أستجب لكم). فهو العبد المحض) أي، هو العبد التام في العبودية الممتثل لأوامره كلها من غير شوب من الحظوظ، لأنه بحضوره دائما يعرف استعداده وما يفيض من الحق من التجليات بحسب استعداده عليه، فيكون سؤاله لفظا امتثالا لأمره تعالى كما مر. (وليس لهذا الداعي همة متعلقة فيما يسأل منه من معين أو غير معين، وإنما همته في امتثال أوامر سيده) لأنه منزه عن طلب غير الحق من المطالب الدنياوية والأخراوية، بل نظره على الحق جمعا في مقام وحدته، وتفصيلا في مظاهره.
(فإذا اقتضى الحال السؤال) أي اللفظي. (يسأل عبودية، وإذا اقتضى) أي الحال. (التفويض والسكوت، سكت. فقد ابتلى أيوب وغيره وما سألوا رفع ما ابتلاهم الله به. ثم اقتضى لهم الحال) أي اقتضى حالهم. (في زمان آخر أن يسألوه رفع ذلك، فسألوا، فرفعه الله عنهم). ظاهر.
(والتعجيل بالمسؤول فيه والإبطاء للقدر المعين له) أي، للمسؤول فيه. (عند