شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٢٩٥
جعلهم الحق مظاهر اسم الحكيم عناية عليهم ولاقتضاء مرتبتهم ذلك. ولكون كل نبي مختصا بحكمة خاصة مودعة في قلبه وهو مظهر لها جمع فقال: (منزل الحكم على قلوب الكلم). وقد مر تحقيق (القلب) في المبادئ. والمراد ب‍ (الكلم) هنا أعيان الأنبياء، عليهم السلام، لذلك أضاف إليها (القلوب).
وقد يراد بها الأرواح، كما قال تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب (9)). أي، الأرواح الكاملة. ويسمى عيسى (كلمة) في مواضع من القرآن مع أن جميع الموجودات كلمات الله، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا). ولكون صدور الأشياء من المرتبة العمائية التي أشار إليها النبي، صلى الله عليه وسلم، عند سؤال الأعرابي (10) عنه: (أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق؟) بقوله: (كان في عماء ما فوق هواء ولا تحته هواء). أي، في مرتبة لا تعين لها ولا اسم ولا نعت، فتعمى عنها الأبصار والفهوم، بواسطة (النفس الرحماني) وهو انبساط الوجود وامتداده.
والأعيان الموجودة عبارة عن التعينات الواقعة في ذلك النفس الوجودي. سميت الأعيان كلمات، تشبيها بالكلمات اللفظية الواقعة على النفس الإنساني بحسب المخارج. وأيضا، كما يدل الكلمات على المعاني العقلية، كذلك تدل أعيان

(9) - أي، النفوس الصافية الطيبة عن خبائث الطبائع، الباقية على فطرتها الذاكرة بمشارق توحيدها، أو العلوم الحقيقية من التوحيد وغيره، الطيبة عن خبائث التمويهات و التخيلات. في صدر الكريمة المباركة: (من كان يريد العزة فلله العزة جميعا). (عزيز) به اعتبارى از أسماء ذات است ومريد عزت وقتى متصف بدين اسم مى شود كه متحقق به اسم (العزيز) شود، أى العزيز بعزة إسم الله (العزيز). (ج) (10) - والسائل هو أبو رزين العقيلى. (عما) عبارت است از ابرى تنك ورقيق حايل بين زمين و آسمان، أي أراضي التقييد وسماء الإطلاق. وإطلاق (السماء) على العوالم الملكوتية و الجبروتية كثير الدور على لسان النبوة والولاية. والمراد من (الهواء) هو المهوى والمقصود، و هو الوجود المطلق الذي ليس فوقه مهوى، وليس تحت وجود المطلق إلا العدم الصرف و المطلق وهو الظاهر والباطن. (ج)
(٢٩٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 290 291 292 293 294 295 296 297 298 299 300 ... » »»