جعلهم الحق مظاهر اسم الحكيم عناية عليهم ولاقتضاء مرتبتهم ذلك. ولكون كل نبي مختصا بحكمة خاصة مودعة في قلبه وهو مظهر لها جمع فقال: (منزل الحكم على قلوب الكلم). وقد مر تحقيق (القلب) في المبادئ. والمراد ب (الكلم) هنا أعيان الأنبياء، عليهم السلام، لذلك أضاف إليها (القلوب).
وقد يراد بها الأرواح، كما قال تعالى: (إليه يصعد الكلم الطيب (9)). أي، الأرواح الكاملة. ويسمى عيسى (كلمة) في مواضع من القرآن مع أن جميع الموجودات كلمات الله، وإليه الإشارة بقوله تعالى: (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربى لنفد البحر قبل أن تنفد كلمات ربى ولو جئنا بمثله مددا). ولكون صدور الأشياء من المرتبة العمائية التي أشار إليها النبي، صلى الله عليه وسلم، عند سؤال الأعرابي (10) عنه: (أين كان ربنا قبل أن يخلق الخلق؟) بقوله: (كان في عماء ما فوق هواء ولا تحته هواء). أي، في مرتبة لا تعين لها ولا اسم ولا نعت، فتعمى عنها الأبصار والفهوم، بواسطة (النفس الرحماني) وهو انبساط الوجود وامتداده.
والأعيان الموجودة عبارة عن التعينات الواقعة في ذلك النفس الوجودي. سميت الأعيان كلمات، تشبيها بالكلمات اللفظية الواقعة على النفس الإنساني بحسب المخارج. وأيضا، كما يدل الكلمات على المعاني العقلية، كذلك تدل أعيان