شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٢٤٥
قوله: غيرها... أي، غير النفس الكلية.
اعلم، ان الظاهر ان المراد من النفس الكلية نفس فلك الكلى، كما هو مصطلح بعض الحكماء، فحينئذ يكون الصور المثالية هي الصور التي تكون في خيال الفلك، ويؤيده قوله: (فليس بعالم عرضي) كما زعم بعضهم، لزعمه ان الصور المثالية أيضا منفكة عن حقايقها كما زعم في الصور العقلية. ولعل المراد من النفس الكلية النفس المجردة المقدارية المثالية بان يكون لكل نوع من الأنواع في سلسلة النزول نفس كلية كما ان لكل نوع ربا عقليا. فيكون المراد بقوله:
(بجميع ما أحاط به غيرها من القوى الخيالية) هو مربوبات هذا النفس الكلية من كل نوع، فكما ان لكل نوع ربا عقليا، على مذهب المحققين، يكون فيه صور جميع الموجودات، كذلك لكل نوع ربا نفسيا يكون فيه صور جميع الموجودات لا لكل شخص كما يدل عليه عبارة العرفاء والحكماء الاشراقيين. فلا يرد حينئذ انه كيف يكون امتياز هذه الصور الشخصية المثالية التي تكون من نوع واحد بدون المادة ولواحقها. ويحتمل ان يكون هذا إشارة إلى ما قال طائفة: ان عالم المثال ليس الا الصور المرتسمة في خيال الفلك ولا وجود له مستقلا في خارج خيال الفلك.
واعلم، انه قد يطلق النفس الكلية على نفوس الكمل والافراد أيضا.
قوله: لكونه غير مادي... علة لتسميته بالمنفصل: فلكونه غير مادي يكون منفصلا، ولكونه شبيها بالخيال المتصل يكون خيالا، فلهذا يسمى بالخيال المنفصل.
قوله: في السدرة... قال صدر المتألهين في الشواهد الربوبية: (اعلم، انا من ذلك العالم جئنا إلى هذه العالم، وحده من فوق فلك البروج تحت فلك المستقيم، وحد ذلك العالم من فوق ذلك الفلك وهو سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إلى تحت مرتبة القلم.
قال مولانا الملا محسن في عين اليقين: قال أستاذنا (136) دام ظله: ويشبه ان يكون المراد بسدرة المنتهى هو آخر الابعاد الوضعية.

(136) - مراده من الأستاذ هو صدر أعاظم الحكماء وأفاخم العرفاء.
(٢٤٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 240 241 242 243 244 245 246 247 248 249 250 ... » »»