كان لها في تلك المرتبة السابقة أسماء وصفات ذاتية تنبعث عنها المهيات والأعيان الثابتة، فهي في تلك المرتبة أيضا تابعة للوجودات الخاصة الموجودة سابقا باعتبار معلوميتها للحق تعالى علما كماليا هو عين ذاته كما سيجئ تحقيقه في مباحث العلم. الا ان معلوميتها في الأزل على هذا الوجه، أي باعتبار ثبوتها تبعا لوجودات الحقايق الإمكانية في عالم الحق، منشأ لظهور تلك الوجودات في المراتب المتأخرة على طبق ثبوتها العلمي في ذات الحق تعالى على الوجه الذي أشرنا. ثم إذا فاضت الوجودات عن الحق وتميزت وتعددت في الخارج اتحدت مع كل منها بالذات مهية من المهيات من غير استيناف جعل بل بنفس فيضان ذلك الوجود كما هو شأن كل مهية مع وجودها المتميز عن غيره).
قال الشيخ الرئيس في إلهيات الشفاء في الفصل الخامس من المقالة الأولى:
(الشئ قد يدل به على معنى آخر: فان لكل امر حقيقة هو بها، فللمثلث حقيقة انه مثلث، فذلك الذي سميناه الوجود الخاص ولم يرد به معنى الاثباتي).
قال مولانا الملا محسن في عين اليقين: (قد ظهر من هذه البيانات ان المهيات كلها وجودات خاصة في الواقع، عينا وذهنا، وإن كان المفهوم من المهية غير المفهوم من الوجود في اعتبار العقل، فهما متحدان اتحاد الامر العيني مع المفهوم الاعتباري).
قوله: فلو كانت المهيات غير الوجودات المتعينة في العلم... أي، لو كان للمهيات وجود غير الوجود الحق يلزم كونه محلا للأمور المتكثرة، اما إذا كانت المهيات بحسب التحقق عين وجود الحق فلا يلزم التكثر الوجودي وإن كان يلزم التكثر المفهومي وهو غير مضر.
قوله: لا يلزم أيضا انها تكون غير الوجود مطلقا... أي، وان سلمنا ان مفهوم الوجود الذهني الإضافي وهو كونها في الذهن يكون مغفولا عنه مع عدم الذهول عن المهية، لا يلزم أيضا ان المهية تكون غير الوجود مطلقا ولو بحسب الحقيقة، أي حتى عن حقيقة الوجود والوجود الخاص، نعم غير مفهوم الوجود.
قوله: لجواز ان يكون المهية... مراده ان ما يلزم من الدليل هو تغاير مفهوم