قال مولانا الجامي، قدس سره، في رسالة الوجودية: (وفي كلام الصوفية، قدس الله اسرارهم، ان الحق تعالى لما اقتضى كل شئ اما لذاته أو بشرط أو بشروط فيكون كل شئ لازمه أو لازم لازمه وهلم جرا، فالصانع الذي لا يشغله شأن عن شأن، واللطيف الخبير الذي لا يفوته كمال، لا بد وان يعلم ذاته ولازم ذاته جميعا، اجمالا وتفصيلا إلى ما لا يتناهى. وأيضا في كلامهم: ان الحق سبحانه تعالى، لاطلاقه الذاتي له المعية الذاتية مع كل موجود وحضوره مع الأشياء و علمه بها فلا يعزب عن علمه مثقال ذرة في الأرض ولا في السماء. والحاصل ان علمه بالأشياء على وجهين:
أحدهما، من حيث سلسلة الترتيب على طريقة قريبة من طريقة الحكماء.
والثاني، من حيث أحديته المحيطة بكل شئ. ولا يخفى عليك ان علمه سبحانه بالأشياء على الوجه الثاني مسبوق بعلمه على الأول، فان الأول غيبي بها قبل وجودها، والثاني علم شهودي بها عند وجودها. وبالحقيقة ليس هناك علم بل للحق الأول بواسطة وجود متعلقه، أعني المعلول، نسبة باعتبارها نسميه شهودا وحضورا، لا انه حضر هناك علم آخر. فان قلت، يلزم من ذلك ان يكون علمه على الوجه الثاني مخصوصا بالموجودات الحالية. قلت، نعم، لكن الموجودات كلها بالنسبة إليه حالية، فان الأزمنة بالنسبة إليه متساوية حاضرة عنده.
قال صدر المتألهين في إلهيات الاسفار: (ولا تصغ إلى قول من يقول، بعض علمه قديم وبعضه حادث، فإنه بمنزلة قول من قال، بعض قدرته قديمة وبعضها حادثة، بل يجب ان يكون حقيقة علمه واحدة ومع وحدتها تكون عالما بكل شئ).
قوله: وكونه صفة ذات إضافة... ط گ، ص 16 مراده ان كون العلم ذا مراتب ينافي كون العقل الأول عين العلم، لان العقل الأول جوهر بحسب الذات، والجوهر لا يكون العرض مرتبة منه. اما الوجود الذي ليس بجوهر ولا عرض بحسب الذات يمكن ان يكون الجوهر والعرض كلاهما من مرتبته.