شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ٢٢٥
قوله: المهيات كلها وجودات خاصة علمية... مراده بالمهيات، الصور العقلية.
قال صاحب المجلى: (المهيات كلها وجودات خاصة علمية ليست ثابتة خارجا منفكة عن الوجود، كما توهمه المعتزلي، بل ثبوتا منفكا عن الوجود الخارجي في العقل، وكل ما في العقل من الصور فائضة من الحق، وفيض الشئ من غيره مسبوق بعلمه فهي ثابتة في علمه تعالى، وعلمه وجوده لأنه عين ذاته.
فلا يكون المهيات شيئا غير الوجودات المتعينة في العلم والا لكانت ذاته محلا للأمور المتكثرة المغايرة لذاته، تعالى عنه).
اعلم، ان هذا هو عين دليل الحكماء على إثبات الوجود الذهني، تقريره:
ان الصور العقلية، من حيث هي عقلية، يكون لها نحو من الوجود والتحقق، و لما لم يكن بهذا الاعتبار في الخارج موجودة وثبوت المعدومات باطل، فيكون له وجود في الذهن. فيعلم منه ان مراده من قوله: المهيات كلها وجودات خاصة علمية. ان الصور العقلية تكون موجودة بوجود ذهني وتكون عين الوجود الذهني من حيث التحقق لا ان المهية عين الوجود ذاتا لان هذا الاستدلال لا يفيد هذا المطلب بل ليس مفاد الاستدلال الا ان للمهية تحققا ما. وأيضا، قال الشارح في الفصل الأول من المقدمة في ضمن قوله: (تنبية للمستبصرين بلسان أهل النظر، إذ المهيات منفكة عن الوجود أمور اعتبارية). فإن كان المراد من قولهم المهيات وجودات خاصة علمية على ما يفهم المتعارفون.
قال صدر المتألهين في الأمور العامة من الاسفار في الفصل المعنون بقوله: ( فصل - في ان الممكن، على أي وجه يكون مستلزما للمتنع بالذات، والمهية في جميع تلك الصفات تابعة للوجود، وكل نحو من أنحاء الوجود يتبعه جهة خاصة من المهيات المعبر عنها عند بعضهم بالتعين وعند بعضهم بالوجود الخاص).
قال أيضا في مبحث العلة والمعلول من الاسفار في الفصل المعنون بقوله: ( فصل - في الإشارة إلى نفى جهات الشرور عن الوجود الحقيقي. الوجودات الخاصة المتفصلة لها مرتبة سابقة اجمالية منشأها علم الحق الأول بذاته وتعقله للمراتب الإلهية وشؤونه، فتلك الوجودات قبل ان تنزلت وتعددت وتفصلت
(٢٢٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 220 221 222 223 224 225 226 227 228 229 230 ... » »»