(كما قلناه في المعتقد إنه إنما يثنى على الإله الذي في معتقده ويربط به نفسه.) ولكن (ما كان من عمله فهو راجع إليه، فما أثنى إلا على نفسه. فإنه من مدح الصنعة، فإنما مدح الصانع بلا شك، فإن حسنها وعدم حسنها راجع إلى صانعها.
وإلى المعتقد مصنوع للناظر فيه، فهو صنعه، فثناؤه على ما اعتقده ثناؤه على نفسه.) شبه ثناء الأشياء على أنفسها بالثناء على ما هو مجعول لها. أي، الإنسان يثنى على الإله الذي هو في اعتقاده إله، وهو في الحقيقة مجعول له مصنوع، وهو جاعله و صانعه. لأن الإله المطلق لا ينحصر بتعين خاص ولا بعقد معين. فكل ثناء يثنى عليه فهو ثناء على نفسه، وهو لا يشعر بذلك. لأن كل من أثنى على الصنعة، أثنى على صانعها. لأن حسنها وعدم حسنها راجع إليه.
(ولهذا يذم معتقد غيره. ولو أنصف، لم يكن له ذلك) أي، ولأجل أنه يعينه فيما أدركه، يذم ما عين غيره، وجعل معتقد نفسه محمودا. ولو أنصف، لم يكن له أن يذم معتقد غيره، فإنه أيضا مثله.
(إلا أن صاحب هذا المعبود الخاص جاهل بلا شك في ذلك، لاعتراضه على غيره فيما اعتقده في الله.) أي، فثناؤه على ما اعتقده ثناء على نفسه، إلا أنه جاهل لا يشعر بذلك. ولو كان له شعور به، لما اعترض على غيره فيما اعتقده، وأثنى عليه.
لأنه لو علم أن معبوده مجعول لنفسه، وهو يثنى على نفسه، لعلم أن ما جعله غيره أيضا مجعول له وثناؤه عائد إليه. والذوات مجبولة على الثناء على أنفسها. ولو علم أن معبوده المعين هو الإله المطلق الذي تجلى في قلبه وتعين بحسب استعداده، لعلم هذا المعنى في إله غيره أيضا، فلم ينكر عليه.
(إذ لو عرف ما قال الجنيد: (لون الماء لون إنائه). لسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة وكل معتقد.) أي، إذ لو عرف أن الحق هو الذي يتجلى بصور الأعيان وصور الأذهان بحسب الاستعدادات وقابلياتها، يسلم لكل ذي اعتقاد ما اعتقده، وعرف الله في كل صورة يظهر بها، وآمن بالحق فيها، وكان من أصحاب السعادة العظمى.
وقوله: (وكل معتقد) بالاعتقاد الخاص (فهو ظان، ليس بعالم.) إذ لو