شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٩٣
(فهذا هو الله الذي يصلى علينا.) أي، هذا المتجلي بصور الاستعدادات في العقائد هو الذي يصلى علينا ويتأخر عنا. كما جاء في الآية المذكورة على لسان المتجلي بصور الاعتقادات.
(وإذا صلينا نحن، كان لنا الاسم (الآخر)) أي، كنا نحن المتحقق بالآخرية حينئذ فلنا الاسم (الآخر).
(فكنا فيه) أي، في هذا المقام والتجلي (آخرا). (كما ذكرناه في حال من له هذا الاسم) من أنه يتأخر عن وجود العبد.
(فتكون عنده) أي، عند الحق (بحسب حالنا.) وصفاتنا التي فينا (فلا ينظر إلينا) ولا يتجلى لنا (إلا بصورة ما جئناه بها) كمالا ونقصا. (فإن المصلى هو المتأخر عن السابق في الحلبة.) أي، وإذا صلينا نحن، كان لنا الاسم (الآخر)، فإن المصلى متأخر عن المجلى في ميدان السباق.
(وقوله تعالى: (كل قد علم صلاته وتسبيحه). أي، رتبته في التأخر في عبادة ربه، وتسبيحه الذي يعطيه من التنزيه استعداده.) لما فسر المصلى بالمتأخر، جعل صلاته رتبته في التأخر في العبادة. أي، كل منا ومن الحق الظاهر بصور عقائدنا (قد علم صلاته) أي، مرتبته في التأخر وتسبيحه لربه:
أما صلاتنا له وتسبيحنا إياه وتحميدنا وثنائنا عليه بالوجه المشروع لنا و تنزيهنا إياه عما لا يليق بحضرته. وأما صلاته لنا وتسبيحه إيانا فتكميله إيانا و جعله لنا موصوفا بالصفات الجمالية والجلالية وتطهرنا عن دنس النقائص ورين الحجب الإمكانية. هذا لسان إشارته، وهو لسان الباطن المعرب عن مطلع الآية.
وأما لسان عبارته الذي هو لسان الظاهر، معناه: كل من الأعيان الموجودة و قد علم رتبته في عبادة ربه وتسبيحه الذي يعطيه استعداده، وهو تنزيه كل من الأعيان ربه على حسب استعداده من النقائص اللازمة لعينه، وعلم أن رتبة عبادته متأخرة عن صلاة ربه، فإنه لو لا صلاته ورحمته الوجودية وإخراجه للأعيان من ظلمات العدم إلى نور الوجود وظلمات الضلالة إلى نور الهداية، ما
(١١٩٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1187 1188 1189 1190 1191 1192 1193 1194 1195 1196 1197 » »»