الفصحاء كلهم (فراعى النبي، صلى الله عليه وسلم، المعنى الذي قصد به في التحبب إليه ما لم يكن يؤثر حبه) قوله: (قصد) يجوز أن يكون مبنيا للمفعول.
أي، راعى النبي، صلى الله عليه وسلم، في هذا التغليب المعنى الذي قصده الله بالتحبيب إلى الرسول. وقوله، صلى الله عليه وسلم: (حبب إلى...) يؤكده.
ويجوز أن يكون مبنيا للفاعل. أي، راعى المعنى الذي قصده الرسول بهذا التغليب في التحبيب إليه ما دام لم يكن مؤثرا حب ذلك المعنى لنفسه، بل يختاره و يؤثره لله تعالى، فيحبهن بحب الله.
فضمير (به) للتغليب و (به) متعلق ب (راعى). وضمير الصلة محذوف. أي، قصده به. وضمير (إليه) للنبي، صلى الله عليه وسلم. و (ما) للمدة. وضمير (حبه) (المعنى) والإضافة إلى المفعول. ويجوز أن يكون ضمير (حبه) عائد إلى (النبي) صلى الله عليه وسلم، فيكون الإضافة إلى الفاعل. ومعناه: ما دام لم يكن مؤثرا حبه لهن لنفسه.
(فعلمه الله ما لم يكن يعلم، وكان فضل الله عليه عظيما.) أي، علمه الله المعنى الموجب لمحبة النساء لذلك غلب التأنيث على التذكير. ولو لا تعليمه إياه، لكان كلامه على ما جرت به عادة العرب.
(فغلب التأنيث على التذكير بقوله عليه السلام: (ثلث) بغير (هاء). فما أعلمه، صلى الله عليه، بالحقائق وما أشد رعايته للحقوق. ثم، إنه) أي، أن النبي.
(جعل الخاتمة نظيرة الأولى في التأنيث، وأدرج بينهما التذكير، فبدأ بالنساء وختم بالصلاة. وكلتاهما تأنيث، والطيب بينهما ك (هو)) أي، كالنبي، عليه السلام.
(في وجوده، فإن الرجل مدرج بين ذات ظهر عنها، وبين امرأة ظهرت عنه، فهو بين مؤنثين: تأنيث ذات، وتأنيث حقيقي. كذلك النساء تأنيث حقيقي، والصلاة تأنيث غير حقيقي، والطيب مذكر بينهما، كآدم بين الذات الموجودة هو عنها، وبين حواه الموجودة عنه. وإن شئت قلت: الصفة فمؤنثة أيضا، وإن شئت قلت: القدرة فمؤنثة أيضا. فكن على أي مذهب شئت، فإنك لا تجد إلا التأنيث يتقدم، حتى عند أصحاب العلة الذين جعلوا الحق علة في وجود العالم، والعلة مؤنثة.) أشار،