(فلهذا أحب، صلى الله عليه وسلم، النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا. فإن الله بالذات غنى عن العالمين.) ولا نسبة بينه و بين شئ من هذا الوجه أصلا، فلا يمكن شهوده مجردا عنها.
(فإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله.) أي وأكمل الشهود في النساء أيضا في حالة النكاح الموجب لفناء المحب في المحبوب. وكمال الشهود في غير تلك الحالة بالنسبة إلى من يلاحظ جمال الحق في صور الأكوان دائما، لا يغفل عنه إلا أوقاتا يسيرة.
(وأعظم الوصلة النكاح.) أي، الجماع (وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليحلفه، فيرى فيه صورته بل نفسه. فسواه وعدله ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه.) أي، النكاح هو نظير التوجه الإلهي لإيجاد الإنسان ليشاهد فيه صورته وعينه، لذلك سواه وعدله ونفخ فيه من روحه، وكذلك الناكح يتوجه لإيجاد ولد على صورته بنفخ بعض روحه فيه الذي يشتمل عليه النطفة، ليشاهد نفسه وعينه في مرآة ولده، ويخلفه من بعده. فصار النكاح المعهود نظيرا للنكاح الأصلي الأزلي (15) (فظاهره خلق، وباطنه حق.) أي، فظاهر ما سواه. وعدله من الصورة الإنسانية، خلق موصوف بالمعبودية. وباطنه حق، لأن باطنه من روح الله الذي يدبر الظاهر ويربه، بل هو عينه وذاته الظاهرة بالصورة الروحانية.