شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٧٠
(فلهذا أحب، صلى الله عليه وسلم، النساء لكمال شهود الحق فيهن، إذ لا يشاهد الحق مجردا عن المواد أبدا. فإن الله بالذات غنى عن العالمين.) ولا نسبة بينه و بين شئ من هذا الوجه أصلا، فلا يمكن شهوده مجردا عنها.
(فإذا كان الأمر من هذا الوجه ممتنعا ولم تكن الشهادة إلا في مادة، فشهود الحق في النساء أعظم الشهود وأكمله.) أي وأكمل الشهود في النساء أيضا في حالة النكاح الموجب لفناء المحب في المحبوب. وكمال الشهود في غير تلك الحالة بالنسبة إلى من يلاحظ جمال الحق في صور الأكوان دائما، لا يغفل عنه إلا أوقاتا يسيرة.
(وأعظم الوصلة النكاح.) أي، الجماع (وهو نظير التوجه الإلهي على من خلقه على صورته ليحلفه، فيرى فيه صورته بل نفسه. فسواه وعدله ونفخ فيه من روحه الذي هو نفسه.) أي، النكاح هو نظير التوجه الإلهي لإيجاد الإنسان ليشاهد فيه صورته وعينه، لذلك سواه وعدله ونفخ فيه من روحه، وكذلك الناكح يتوجه لإيجاد ولد على صورته بنفخ بعض روحه فيه الذي يشتمل عليه النطفة، ليشاهد نفسه وعينه في مرآة ولده، ويخلفه من بعده. فصار النكاح المعهود نظيرا للنكاح الأصلي الأزلي (15) (فظاهره خلق، وباطنه حق.) أي، فظاهر ما سواه. وعدله من الصورة الإنسانية، خلق موصوف بالمعبودية. وباطنه حق، لأن باطنه من روح الله الذي يدبر الظاهر ويربه، بل هو عينه وذاته الظاهرة بالصورة الروحانية.

(15) - أي، التناكح في الأسماء الكلية، ثم في الأسماء الكلية والجزئية. وآخر مرتبة التناكح التركيب من العناصر لتولد المواليد. وأتمها التناكح بين الأسماء المستجنة في الأحدية والواحدية لتولد قلب تقى نقي أحدي أحمدي. ونريد من (القلب) القلب البالغ إلى مقام (الروح) و (السر) و (الخفي). و (الأخفى) عبارة عن الفرق بعد الجمع. كما قال آدم الأولياء، على، عليه السلام، الباب الأعظم لمدينة علوم المكاشفة، بقوله: (الحقيقة نور يشرق من صبح الأزل، فيلوح على هياكل التوحيد آثاره). (ج)
(١١٧٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1165 1166 1167 1168 1169 1170 1171 1172 1173 1174 1175 ... » »»