شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٦٥
ترددي في قبض عبدي المؤمن، يكره الموت وأنا أكره مسائته) لأن المحب يكره ما يكرهه محبوبه (ولا بد له من لقائي) فبشره) أي، بشر المحبوب باللقاء (وما قال له ولا بد له من الموت لئلا يغمه بذكر الموت. ولما كان لا يلقى) المؤمن (الحق إلا بعد الموت - كما قال، عليه السلام: (إن أحدكم لا يرى ربه حتى يموت). - لذلك قال الله تعالى: (ولا بد له من لقائي.) جواب (لما). وقوله (لذلك) متعلق ب‍ (قال).
(فاشتياق الحق لوجود هذه النسبة.) أي، فاشتياق الحق إنما هو لحصول هذه الصفة - وهي الاشتياق - في المظاهر المنقادة لأوامره ونواهيه. شعر:
(يحن الحبيب إلى رؤيتي * وإني إليه أشد حنينا) (وتهفوا النفوس ويأبى القضا * فأشكو الأنين ويشكو الأنينا) هذا عن لسان الحق من مقام الشوق. أي، تضطرب النفوس وتطلب رؤيتي، ولكن يأبى القضاء الإلهي والتقدير الرحماني عن تلك الرؤية إلى أن يحل الأجل (14) فإن القضاء والقدر قدر وعين لكل أجل وقتا معينا، لا يمكن تقديمه ولا تأخيره. وإذا كان كذلك، فأشكو من الأنين إلى وقت الأجل، و يشكو المحب الأنين.
(فلما أبان أنه نفخ فيه من روحه، فما اشتاق إلا لنفسه) أي، فلما أظهر الحق أنه نفخ في هذا المجلى الإنساني من روحه، علم أنه ما اشتاق إلا لنفسه وهويته المتعينة بالتعينات الخلقية.
(ألا تراه خلقه على صورته لأنه من روحه؟) أي، ألا ترى الإنسان كيف خلقه الله على صورته؟ وإنما خلقه عليها، لكونه نفخ فيه من روحه.
(ولما كانت نشأته من هذه الأركان الأربعة المسماة في جسده (أخلاطا)، حدث

(14) - ولله در من قال: (مرگ اگر مرد است گو پيش من آى تا بگيرم در كنارش تنگ تنگ. من از أو جانى ستانم روح بخش أو ز من دلقى ستاند رنگ رنگ)
(١١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1159 1160 1161 1162 1164 1165 1166 1167 1168 1169 1170 ... » »»