شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٦٦
عن نفخه) أي، عن نفخ الحق فيه (اشتعال بما في جسده من الرطوبة) إنما جعل الأركان العنصرية أخلاطا، لأنها أولا تصير أخلاطا، ثم أعضاء.
والمراد ب‍ (الاشتعال) نار الحرارة الغريزية الحاصلة من سريان الروح الحيواني في أجزاء البدن المشتعلة بواسطة الرطوبة الغريزية. وهي له كالدهن للسراج (فكان روح الإنسان نارا لأجل نشأته.) أي، ولما كانت نشأته الجسمانية عنصرية، كان روحه نارا. أي، ظهر روحه الحيوانية، أو نفسه الناطقة، بالصورة النارية الموجبة للاشتعال بالحرارة الغريزية.
(ولهذا ما كلم الله موسى إلا في صورة النار، وجعل حاجته فيها.) أي، ولأجل أن الروح تظهر في البدن بالصورة النارية، تجلى الحق لموسى، عليه السلام، فكلمه في صورة النار وجعل مراده فيها.
(فلو كانت نشأته طبيعية، لكان روحه نورا.) أي، لو كانت نشأته غير عنصرية، كنشأة الملائكة التي فوق السماوات وهي النشأة الطبيعية النورية، لكان روحه ظاهرا بالصورة النورية.
(وكنى عنه ب‍ (النفخ) يشير إلى أنه من نفس الرحمن) أي، وكنى عن ذلك الظهور والحدوث ب‍ (النفخ) مشيرا إلى أنه حاصل من النفس الرحماني (فإنه بهذا النفس الذي هو النفخ ظهر عينه) أي، بالوجود الخارجي حصل عين الروح في الخارج، أو عين الإنسان.
(وباستعداد المنفوخ فيه) وهو البدن (كان الاشتعال نارا لا نورا.) لأن بدن الإنسان عنصري لا طبيعي نوري.
(فبطن نفس الحق فيما كان به الإنسان إنسانا.) أي، استتر نفس الحق، أي الروح الحاصل من النفس الرحماني، في جوهر كان الإنسان به إنسانا. و هو الروح الحيواني الذي به يظهر هذه الصورة الإنسانية.
(ثم، اشتق له منه شخصا على صورته سماه امرأة، فظهرت بصورته، فحن إليها حنين الشئ إلى نفسه، وحنت إليه حنين الشئ إلى وطنه.) أي، إلى أصله.
(فحبب إليه النساء، فإن الله أحب من خلقه على صورته، وأسجد له ملائكته
(١١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1160 1161 1162 1164 1165 1166 1167 1168 1169 1170 1171 ... » »»