عليها الهيئات المظلمة والأخلاق المغيمة المكتسبة، فلا ينظر الحق إليهم ولا يكلمهم يوم القيامة ولا يشتاق إليهم. كما قال: (من أحب لقاء الله، أحب الله لقائه، ومن كره لقاء الله، كره الله لقائه). (ومن كان في هذا أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا) (فشوق الحق لهؤلاء المقربين مع كونه يراهم، فيحب أن يروه) أي، شوق الحق المحب ثابت في نفس الأمر لهؤلاء المقربين، مع كون الحق يراهم بالشهود الأزلي، ويجب أن يروه في صور تجلياته ومظاهر أسمائه وصفاته.
ف (الفاء) في قوله: (فيحب) عاطفة، والمعطوف عليه هو قوله:
(يراهم).
(ويأبى المقام) الدنيوي (ذلك.) لأن المقام الدنياوي مقام حجاب فمن لا يخرج عنه، إما بالموت الإرادي وإما بالموت الطبيعي، لا يرتفع عنه الحجاب، فلا يرى ربه.
(فأشبه قوله تعالى: (حتى نعلم) مع كونه عالما.) أي، فصار هذا القول شبيها بقوله تعالى: (حتى نعلم) لأنه كان يرى أعيان هؤلاء المقربين في الغيب قبل ظهورهم بالوجود العيني (10) وتلك الرؤية لا تتغير أبدا، ومع ذلك وصف نفسه بالشوق، هو يقتضى فقدان صورة المحبوب، فهذا الشوق له لا يكون بحسب مقام الجمع، بل بحسب مقام التفصيل. كما مر في قوله تعالى: (حتى نعلم) من أن العلم بالمعلومات حاصل له أزلا وأبدا، فقوله: (حتى نعلم) من مقام الاختبار وتجليات الاسم (الخبير). وهو في صور المظاهر لا غيره (11)