شرح فصوص الحكم - محمد داوود قيصري رومي - الصفحة ١١٥٨
فتعرف ربك.) أي، فعلى الأول أن تعرف أن نفسك لا تعرف حقيقة نفسها، فلا تعرف حقيقة ربك. وعلى الثاني أن تعرف نفسك بصفاتها وكمالاتها، فتعرف ربك.
(فكان محمد، صلى الله عليه وسلم، أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله الذي هو ربه. فافهم.) أي، لما كان كل جزء من العالم دليلا على أصله والاسم الذي هو ربه، كان محمد، صلى الله عليه وسلم، أيضا دليلا واضحا على ربه الذي هو رب الأرباب كلها. وهو الله سبحانه وتعالى (6) (وإنما حبب إليه النساء فحن إليهن، لأنه من باب حنين الكل إلى جزئه، فأبان بذلك عن الأمر في نفسه من جانب الحق في قوله - في هذه النشأة الإنسانية العنصرية -:
(ونفخت فيه من روحي).) واعلم، أن المرأة باعتبار الحقيقة عين الرجل، و باعتبار التعين يتميز كل منهما عن الآخر. ولما كانت المرأة ظاهرة من الرجل في الأصل - كانت كالجزء منه انفصل وظهر بصورة الأنوثة، فحنينه، صلى الله عليه وسلم، إليهن من باب حنين الكل إلى جزئه - فأبان النبي، صلى الله عليه و سلم، وأظهر بذلك القول عن الأمر في نفسه، وكذلك الأمر في الجانب الإلهي.
فإن قوله تعالى: (ونفخت فيه من روحي). يدل على أن نسبة آدم، عليه السلام، إلى ربه بعينها نسبة الجزء إلى كله والفرع إلى أصله، وكل كل يحن

(6) - قوله: (أوضح دليل على ربه). أقول: لقربه إليه تعالى. وبين أن الدليل كما كان أقرب إلى المدلول، كان أبين وأوضح. ووجه قربه أنه كان العالم مجموعة مشتملة على ضربين من الأجزاء، هما تعينات فرقية كونية، يجمعها آدم جميعا، والآخر أعيان جمعية وجودية، يجمعها الخاتم جميعا جمعا شهوديا. فالخاتم له أحدية بين التعينات الفرقية والأعيان الوجودية من جهة آدميته وخاتميته، ولا جمعية فوق هذه الحقيقة الكلية الإطلاقية الأحدية، ولها الكمال الأحدي الذي ليس كمثله شئ. ومن هنا يتم الدليل على المدلول.
فإذا عرفت هذا، فاعلم أن لكل جزء من العالم، كونيا كان أو وجوديا، رقيقة ارتباطية إلى أصله كما قال الشيخ الأكبر: (فكان محمد (ص) أوضح دليل على ربه، فإن كل جزء من العالم دليل على أصله). (للأستاذ الأعظم، ميرزا محمد رضا قمشه‌اى، أدام الله حراسته).
(١١٥٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 1153 1154 1155 1156 1157 1158 1159 1160 1161 1162 1164 ... » »»