بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٩٦
والآثار، وهذه الأفعال لها مبدأ جوهري لا محالة، وليس هو المادة الأولى، لأن شأنها القبول والانفعال دون الفعل، ولا الجسمية المشتركة، لأنها واحدة مشتركة وهذه الأفعال كثيرة مختلفة، فلها مباد مختلفة، ولو كانت هذه المبادئ أعراضا مختلفة وجب انتهاؤها إلى جواهر مختلفة، وليست هي الجسمية، لما سمعت من اشتراكها بين الجميع، فهي جواهر منوعة تتنوع بها الأجسام، تسمى: " الصور النوعية ".
تتمة:
أول ما تتنوع الجواهر المادية - بعد الجسمية المشتركة - إنما هو بالصور النوعية التي تتكون بها العناصر، ثم العناصر مواد لصور أخرى تلحق بها، وكان القدماء من علماء الطبيعة يعدون العناصر أربعا، وأخذ الإلهيون ذلك أصلا موضوعا، وقد أنهاها الباحثون أخيرا إلى ما يقرب من مائة وبضع عنصر.
الفصل السادس في تلازم المادة والصورة (1) المادة الأولى والصورة متلازمتان، لا تنفك إحداهما عن الأخرى.
أما أن المادة لا تتعرى عن الصورة، فلأن المادة الأولى حقيقتها أنها بالقوة من جميع الجهات، فلا توجد إلا متقومة بفعلية جوهرية متحدة بها، إذ لا تحقق لموجود إلا بفعلية، والجوهر الفعلي الذي هذا شأنه هو الصورة، فإذن المطلوب ثابت.
وأما أن الصورة التي من شأنها أن تقارن المادة لا تتجرد عنها (2)، فلأن شيئا

ك‍ $ وقال صدر المتألهين - بعد تحرير محل النزاع -: " فيه خلاف بين أتباع المعلم الأول من المشائين ومنهم الشيخ الرئيس ومن في طبقته وبين الأقدمين من اليونانيين كهرمس وفيثاغورس وأفلاطون وحكماء الفرس والرواقيين ومن تابعهم كصاحب حكمة الإشراق ".
انتهى كلامه في شرحه للهداية الأثيرية: 65.
(1) أي أن المادة لا تفارق الصورة الجسمية، والصورة الجسمية لا تفارق المادة.
(2) أي عن المادة.
(٩٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 91 92 93 94 95 96 97 98 99 100 101 ... » »»