بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ٦٥
ولذا أيضا، كان الإمكان الاستعدادي - ومحله المادة بالمعنى الأعم (1) - يتعين معه الممكن المستعد له، كالإنسانية التي تستعد لها المادة، بخلاف الإمكان الذاتي الذي في الماهية، فإنه لا يتعين معه لها الوجود أو العدم (2).
والفرق بين الإمكان الاستعدادي والوقوعي أن الاستعدادي إنما يكون في الماديات، والوقوعي أعم موردا (3).
الفصل السابع في أن الإمكان (4) اعتبار عقلي، وأنه لازم للماهية أما أنه اعتبار عقلي، فلأنه يلحق الماهية المأخوذة عقلا مع قطع النظر عن الوجود والعدم، والماهية المأخوذة كذلك اعتبارية بلا ريب، فما يلحق بها بهذا الاعتبار كذلك بلا ريب، وهذا الاعتبار العقلي لا ينافي كونها بحسب نفس الأمر إما موجودة أو معدومة، ولازمه كونها محفوفة بوجوبين أو امتناعين.

(1) المادة بالمعنى الأعم تشمل المادة بالمعنى الأخص، وهي الجوهر القابل للصور المنطبعة فيها، كمادة العناصر لصورها، وتشمل متعلق النفس المجردة، كالبدن للنفس الناطقة، وتشمل موضوع العرض، كالجسم للمقادير والكيفيات. - منه (رحمه الله) -.
(2) فالإمكان الاستعدادي يغاير الإمكان الذاتي من جهات:
الأولى: أن الإمكان الاستعدادي صفة وجودية تلحق الماهية الموجودة، بمعنى أن الممكن قد صار بعض شرائطه متحققا وبعض موانعه مرتفعا. والإمكان الذاتي اعتبار عقلي يلحق الماهية المأخوذة من حيث هي.
الثانية: أن الإمكان الاستعدادي قابل للشدة والضعف، بخلاف الإمكان الذاتي.
الثالثة: الإمكان الاستعدادي يمكن زواله عن الممكن، بخلاف الإمكان الذاتي الذي من لوازم الماهية.
الرابعة: الإمكان الاستعدادي قائم بمحل الممكن، بخلاف الذاتي.
(3) خلافا للمحقق اللاهيجي، فإنه لم يفرق بينهما وأطلق الإمكان الوقوعي على الإمكان الاستعدادي. راجع المسألة الخامسة والعشرون من الفصل الأول من شوارق الإلهام.
(4) أي الإمكان الذاتي.
(٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 60 61 62 63 64 65 66 67 68 69 70 ... » »»