بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٦٥
كمية الجسم التعليمي فإنها قارة مجتمعة الأجزاء.
وهذا هو الزمان العارض للحركة ومقدارها (1)، وكل جزء منه من حيث إنه متوقف عليه الآخر متقدم بالنسبة إليه، ومن حيث إنه متوقف، متأخر بالنسبة إلى ما توقف عليه. والطرف منه الحاصل بالقسمة هو " الآن ".
وقد تبين بما تقدم:
أولا: أن لكل حركة زمانا خاصا بها، هو مقدار تلك الحركة، وقد أطبق الناس على تقدير عامة الحركات وتعيين النسب بينها بالزمان العام الذي هو مقدار الحركة اليومية، لكونه معروفا عندهم مشهودا لهم كافة، وقد قسموه إلى القرون والسنين والشهور والأسابيع والأيام والساعات والدقائق والثواني وغيرها، لتقدير الحركات بالتطبيق عليها.
والزمان الذي له دخل في الحوادث الزمانية، عند المثبتين للحركة الجوهرية، هو زمان الحركة الجوهرية.
وثانيا: أن التقدم والتأخر ذاتيان بين أجزاء الزمان، بمعنى أن كون وجود الزمان سيالا غير قار، يقتضي أن ينقسم - لو انقسم - إلى جزء يتوقف على زواله وجود جزء آخر بالفعل، والمتوقف عليه هو المتقدم والمتوقف هو المتأخر.
وثالثا: أن الآن - وهو طرف الزمان والحد الفاصل بين الجزئين لو انقسم - هو أمر عدمي، لكون الانقسام وهميا غير فكي.
ورابعا: أن تتالي الآنات - وهو اجتماع حدين عدميين أو أكثر من غير تخلل

(1) اعلم أن الناس اختلفوا في حقيقة الزمان. فمنهم من قال: " إنه لا وجود له إلا بحسب الوهم "، ومنهم من قال: " إنه جوهر مجرد "، ومنهم من قال: " إنه واجب الوجود "، ومنهم من قال: " إنه جوهر جسماني هو الفلك الأعلى "، ومنهم من قال: " أنه عرض غير قار ". وتفصيل هذه المذاهب وأدلتهم مذكور في المطولات، فراجع الفصل العاشر والفصل الحادي عشر من المقالة الثانية من الفن الأول من طبيعيات الشفاء، والمباحث المشرقية 1: 642 - 658، والأسفار 3: 141 - 148، وشرح عيون الحكمة 2: 119 - 123، وشرح المنظومة: 257 - 258.
(١٦٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 160 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 ... » »»