بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٦٦
جزء من الزمان فاصل بينهما - محال، وهو ظاهر، ومثله الكلام في تتالي الآنيات المنطبقة على طرف الزمان، كالوصول والافتراق.
وخامسا: أن الزمان لا أول له ولا آخر له، بمعنى الجزء الذي لا ينقسم من مبتدئه أو منتهاه، لأن قبول القسمة ذاتي له.
الفصل الرابع عشر في السرعة والبط ء إذا فرضنا حركتين واعتبرنا النسبة بينهما، فإن تساوتا زمانا فأكثرهما قطعا للمسافة أسرعهما، وإن تساوتا مسافة فأقلهما زمانا أسرعهما، فالسرعة قطع مسافة كثيرة في زمان قليل، والبط ء خلافه.
قالوا: " إن البط ء ليس بتخلل السكون، بأن تكون الحركة كلما كان تخلل السكون فيها أكثر كانت أبطأ، وكلما كان أقل كانت أسرع، وذلك لاتصال الحركة بامتزاج القوة والفعل فيها، فلا سبيل إلى تخلل السكون فيها " (1).
وقالوا: " إن السرعة والبط ء متقابلان تقابل التضاد، وذلك لأنهما وجوديان، فليس تقابلهما تقابل التناقض، أو العدم والملكة، وليسا بالمتضائفين، وإلا كانا كلما ثبت أحدهما ثبت الآخر، وليس كذلك، فلم يبق إلا أن يكونا متضادين، وهو المطلوب " (2).
وفيه (3): أن من شرط المتضادين أن تكون بينهما غاية الخلاف، وليست

(1) هذا ما قال به الحكماء. خلافا للمتكلمين القائلين بأن البط ء في الحركة بتخلل السكون، كما نقل عنهم في شرح المقاصد 1: 275، وكشف المراد: 270، وشوارق الإلهام: 483، وشرح التجريد للقوشجي: 304.
(2) هذا ما قال به المتكلمون، كما ذهب إليه الفخر الرازي في المباحث المشرقية 1: 605، وتبعهم صدر المتألهين في الأسفار 3: 198. بخلاف المشهور من الحكماء حيث ذهبوا إلى أن التقابل بينهما تقابل العدم والملكة.
(3) كذا أجاب عنه المصنف (رحمه الله) في تعليقته على الأسفار 3: 198 - 199.
(١٦٦)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 161 162 163 164 165 166 167 168 169 170 172 ... » »»