بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٦٢
فالذاتية لابد أن تتم في الجواهر.
وأورد عليه أيضا (1): أن القوم (2) صححوا ارتباط هذه الأعراض المتجددة إلى المبدأ الثابت - من طبيعة وغيرها - بنحو آخر، وهو: أن التغير لاحق لها من خارج، كتجدد مراتب قرب وبعد من الغاية المطلوبة في الحركات الطبيعية، وكتجدد أحوال أخرى في الحركات القسرية التي على خلاف الطبيعة، وكتجدد إرادات جزئية منبعثة من النفس في كل حد من حدود الحركات النفسانية التي مبدؤها النفس.
وأجيب عنه (3): بأنها ننقل الكلام إلى هذه الأحوال والإرادات المتجددة، من أين تجددت؟ فإنها لا محالة تنتهي في الحركات الطبيعية إلى الطبيعة، وكذا في القسرية، فإن القسر ينتهي إلى الطبيعة، وكذا في النفسانية، فإن الفاعل المباشر للتحريك فيها أيضا الطبيعة، كما سيجئ (4).
ويمكن أن يستدل على الحركة في الجوهر بما تقدم (5) أن وجود العرض من مراتب وجود الجوهر، من حيث كون وجوده في نفسه عين وجوده للجوهر، فتغيره وتجدده تغير للجوهر وتجدد له.
ويتفرع على ما تقدم:
أولا: أن الصور الطبيعية المتبدلة صورة بعد صورة على المادة، بالحقيقة صورة جوهرية واحدة سيالة تجري على المادة، وينتزع من كل حد من حدودها مفهوم مغاير لما ينتزع من غيره.
هذا في تبدل الصور الطبيعية بعضها من بعض، وهناك حركة اشتدادية جوهرية أخرى، هي حركة المادة الأولى إلى الطبيعية، ثم النباتية، ثم الحيوانية، ثم

(1) هذا الايراد تعرض له الحكيم السبزواري في شرح المنظومة: 250.
(2) وهو الشيخ الرئيس ومتابعوه على ما في الأسفار 3: 65.
(3) راجع الأسفار 3: 65، وشرح المنظومة: 250.
(4) في الفصل السادس عشر من هذه المرحلة.
(5) في الفصل الثالث من المرحلة الثالثة.
(١٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 157 158 159 160 161 162 163 164 165 166 167 ... » »»