بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٥٥
كمالا لذلك الجسم، غير أن السلوك كمال أول لتقدمه، والتمكن كمال ثان، فإذا شرع في السلوك فقد تحقق له كمال، لكن لا مطلقا، بل من حيث إنه بعد بالقوة بالنسبة إلى كماله الثاني، وهو التمكن في المكان الذي يريده، فالحركة كمال أول لما هو بالقوة بالنسبة إلى الكمالين من حيث إنه بالقوة بالنسبة إلى الكمال الثاني.
وقد تبين بذلك أن الحركة تتوقف في تحققها على أمور ستة: المبدأ الذي منه الحركة، والمنتهى الذي إليه الحركة، والموضوع الذي له الحركة، وهو المتحرك، والفاعل الذي يوجد الحركة، وهو المحرك، والمسافة التي فيها الحركة، والزمان الذي ينطبق عليه الحركة نوعا من الانطباق، وسيجئ توضيح ذلك (1).
الفصل الرابع في انقسام الحركة إلى توسطية وقطعية تعتبر الحركة بمعنيين:
أحدهما: كون الجسم بين المبدأ والمنتهى، بحيث كل حد فرض في الوسط فهو ليس قبله ولا بعده فيه، وهو حالة بسيطة ثابتة لا انقسام فيها، وتسمى: " الحركة التوسطية ".
وثانيهما: الحالة المذكورة، من حيث لها نسبة إلى حدود المسافة، من حد تركها ومن حد لم يبلغها، أي إلى قوة تبدلت فعلا وإلى قوة باقية على حالها بعد يريد المتحرك أن يبدلها فعلا، ولازمه الانقسام إلى الأجزاء والإنصرام والتقضي تدريجا، كما أنه خروج من القوة إلى الفعل تدريجا، وتسمى: " الحركة القطعية ".
والمعنيان جميعا موجودان في الخارج، لانطباقهما عليه بجميع خصوصياتهما.
وأما الصورة التي يأخذها الخيال من الحركة - بأخذ الحد بعد الحد من الحركة وجمعها فيه صورة متصلة مجتمعة منقسمة إلى الأجزاء - فهي ذهنية لا وجود لها في الخارج، لعدم جواز اجتماع الأجزاء في الحركة، وإلا كان ثباتا لا تغيرا.

(1) في الفصل الثالث عشر من هذه المرحلة.
(١٥٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 149 150 152 153 154 155 156 157 158 159 160 ... » »»