بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٤
المعنوي، وإن كان المفهوم منه ما يقابله، وهو مصداق نقيضه، كان نفيا لوجوده، تعالى عن ذلك، وإن لم يفهم منه شئ، كان تعطيلا للعقل عن المعرفة، وهو خلاف ما نجده من أنفسنا بالضرورة.
الفصل الثالث في أن الوجود زائد على الماهية عارض لها (بمعنى أن المفهوم من أحدهما غير المفهوم من الآخر) فللعقل أن يجرد الماهية - وهي ما يقال في جواب ما هو (1) - عن الوجود فيعتبرها وحدها فيعقلها، ثم يصفها بالوجود، وهو معنى العرض (2)، فليس الوجود عينا للماهية ولا جزءا لها.
والدليل عليه: أن الوجود يصح سلبه عن الماهية، ولو كان عينا أو جزءا لها لم يصح ذلك، لاستحالة سلب عين الشئ وجزئه عنه.
وأيضا، حمل الوجود على الماهية يحتاج إلى دليل، فليس عينا ولا جزءا لها، لأن ذات الشئ وذاتياته بينة الثبوت له لا تحتاج فيه إلى دليل.
وأيضا، الماهية متساوية النسبة في نفسها إلى الوجود والعدم، ولو كان الوجود عينا أو جزءا لها، استحالت نسبتها إلى العدم الذي هو نقيضه.
الفصل الرابع في أصالة الوجود واعتبارية الماهية إنا لا نرتاب في أن هناك أمورا واقعية ذات آثار واقعية، ليست بوهم الواهم،

(1) اعلم أن الحكماء قالوا بزيادة الوجود على الماهية، ومرادهم من الماهية معناها الأخص، وهو ما يقال في جواب ما هو، فلم يشمل الواجب، ولذا قالوا بعينية الوجود في الواجب.
والمتكلمون أيضا قالوا بزيادة الوجود على الماهية، ومرادهم من الماهية معناها الأعم، وهو ما به الشئ هو هو، فيشمل الواجب، ولذا قالوا بزيادة الوجود على الماهية في جميع الموجودات، سواء كان واجبا أو ممكنا.
(2) في المطبوع سابقا " العروض " والصحيح ما أثبتناه.
(١٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 7 9 11 12 13 14 15 16 17 18 19 ... » »»