بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٢٩
الوحدة هي حيثية عدم الانقسام، والكثرة حيثية الانقسام.
تنبيه:
الوحدة تساوق الوجود مصداقا كما أنها تباينه مفهوما (1)، فكل موجود - فهو من حيث إنه موجود - واحد، كما أن كل واحد - فهو من حيث إنه واحد - موجود.
فإن قلت (2): انقسام الموجود المطلق إلى الواحد والكثير يوجب كون الكثير موجودا كالواحد، لأنه من أقسام الموجود، ويوجب أيضا كون الكثير غير الواحد مباينا له، لأنهما قسيمان، والقسيمان متباينان بالضرورة، ف‍ " بعض الموجود - وهو الكثير من حيث هو كثير - ليس بواحد "، وهو يناقض القول بأن:
" كل موجود فهو واحد ".
قلت (3): للواحد اعتباران:
[1 -] اعتباره في نفسه من دون قياس الكثير إليه، فيشمل الكثير، فإن الكثير من حيث هو موجود فهو واحد له وجود واحد، ولذا يعرض له العدد، فيقال مثلا:
" عشرة واحدة وعشرات، وكثرة واحدة وكثرات ".
[2 -] واعتباره من حيث يقابل الكثير، فيباينه.
توضيح ذلك: أنا كما نأخذ الوجود تارة من حيث نفسه ووقوعه قبال مطلق العدم، فيصير عين الخارجية وحيثية ترتب الآثار، ونأخذه تارة أخرى فنجده في حال تترتب عليه آثاره وفي حال أخرى لا تترتب عليه تلك الآثار، وإن ترتبت

(1) والمراد أن أحدهما غير منفك عن الآخر في الواقع بمعنى أن كل موجود واحد من جهة أنه موجود وبالعكس، وإن كان المفهوم من الواحد من حيث إنه واحد غير المفهوم من الوجود من حيث أنه موجود.
(2) هذا التوهم تعرض له صدر المتألهين في الأسفار 2: 90 - 91، وتعليقاته على شرح حكمة الإشراق: 192 - 193، ثم أجاب عنه.
(3) كذا دفعه المصنف (رحمه الله) في تعليقته على الأسفار 2: 90. ثم قال في آخر كلامه: " وإلى هذا يرجع آخر كلام المصنف ".
(١٢٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 123 124 125 126 128 129 130 131 132 133 134 ... » »»