بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٢٨
الفصل الأول في معنى الواحد والكثير الحق أن مفهومي الوحدة والكثرة من المفاهيم العامة التي تنتقش في النفس إنتقاشا أوليا كمفهوم الوجود ومفهوم الإمكان ونظائرهما (1)، ولذا كان تعريفهما بأن: " الواحد ما لا ينقسم من حيث إنه لا ينقسم، والكثير ما ينقسم من حيث إنه ينقسم " (2) تعريفا لفظيا (3)، ولو كانا تعريفين حقيقيين، لم يخلوا من فساد، لتوقف تصور مفهوم الواحد على تصور مفهوم " ما ينقسم " وهو مفهوم الكثير (4)، وتوقف تصور مفهوم الكثير على تصور مفهوم " المنقسم " الذي هو عينه (5)، وبالجملة:

(1) صرح بذلك كثير من الحكماء والمتكلمين. فراجع المباحث المشرقية 1: 83، والأسفار 2: 82 - 83، وكشف المراد: 100، والمطارحات: 308، وشرح المقاصد 1: 136، وايضاح المقاصد: 54.
(2) وقد يقال: " الواحد هو مبدأ العدد "، راجع المطارحات: 246. وقد يقال: " الوحدة عدم الانقسام إلى أمور متشابهة، والكثرة هي الانقسام إليها "، راجع شرح المقاصد 1: 136.
(3) قال الشيخ الرئيس في الفصل الثالث من المقالة الثالثة من إلهيات الشفاء: " ثم يكون تعريفنا الكثرة بالوحدة تعريفا عقليا، وهناك نأخذ الوحدة متصورة بذاتها ومن أوائل التصور، ويكون تعريفنا الوحدة بالكثرة تنبيها ". وتبعه الفخر الرازي في المباحث المشرقية:
1: 84، وصدر المتألهين في الأسفار 2: 83.
(4) وهو دور، والدور محال.
(5) فيلزم تعريف الشئ بنفسه.
(١٢٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 122 123 124 125 126 128 129 130 131 132 133 ... » »»