وأما العلة المادية. فهي المادة بالنسبة إلى النوع المركب منها ومن الصورة، فإن لوجود النوع توقفا عليها بالضرورة، وأما بالنسبة إلى الصورة فهي مادة قابلة معلولة لها على ما تقدم (1).
وقد حصر قوم من الطبيعيين العلة في المادة، والأصول المتقدمة ترده، فإن المادة - سواء كانت الأولى أو الثانية (2) - حيثيتها القوة، ولازمها الفقدان، ومن الضروري أنه لا يكفي لإعطاء فعلية النوع وإيجادها، فلا يبقى للفعلية إلا أن توجد من غير علة، وهو محال.
وأيضا، قد تقدم أن الشئ ما لم يجب لم يوجد (3)، والوجوب الذي هو الضرورة واللزوم لا مجال لاستناده إلى المادة التي حيثيتها القبول والإمكان، فوراء المادة أمر يوجب الشئ ويوجده، ولو انتفت رابطه التلازم التي إنما تتحقق بين العلة والمعلول أو بين معلولي علة ثالثة وارتفعت من بين الأشياء بطل الحكم باستتباع أي شئ لأي شئ، ولم يجز الاستناد إلى حكم ثابت، وهو خلاف الضرورة العقلية، وللمادة معان اخر غير ما تقدم خارجة من غرضنا.
الفصل الحادي عشر في العلة الجسمانية العلل الجسمانية متناهية أثرا، من حيث العدة والمدة والشدة، قالوا: " لأن