بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٢٤
وأما العلة المادية. فهي المادة بالنسبة إلى النوع المركب منها ومن الصورة، فإن لوجود النوع توقفا عليها بالضرورة، وأما بالنسبة إلى الصورة فهي مادة قابلة معلولة لها على ما تقدم (1).
وقد حصر قوم من الطبيعيين العلة في المادة، والأصول المتقدمة ترده، فإن المادة - سواء كانت الأولى أو الثانية (2) - حيثيتها القوة، ولازمها الفقدان، ومن الضروري أنه لا يكفي لإعطاء فعلية النوع وإيجادها، فلا يبقى للفعلية إلا أن توجد من غير علة، وهو محال.
وأيضا، قد تقدم أن الشئ ما لم يجب لم يوجد (3)، والوجوب الذي هو الضرورة واللزوم لا مجال لاستناده إلى المادة التي حيثيتها القبول والإمكان، فوراء المادة أمر يوجب الشئ ويوجده، ولو انتفت رابطه التلازم التي إنما تتحقق بين العلة والمعلول أو بين معلولي علة ثالثة وارتفعت من بين الأشياء بطل الحكم باستتباع أي شئ لأي شئ، ولم يجز الاستناد إلى حكم ثابت، وهو خلاف الضرورة العقلية، وللمادة معان اخر غير ما تقدم خارجة من غرضنا.
الفصل الحادي عشر في العلة الجسمانية العلل الجسمانية متناهية أثرا، من حيث العدة والمدة والشدة، قالوا: " لأن

(١) في الفصل السابع من المرحلة السادسة.
(٢) إن الأنواع التي لها كمال بالقوة لا تخلو في جوهر ذاتها من جوهر يقبل فعلية كمالاتها الأولى والثانية من الصور والأعراض. فإن كانت حيثيته حيثية القوة من جهة وحيثية الفعلية من جهة، كالجسم الذي هو بالفعل من جهة جسميته وبالقوة من جهة الصور والأعراض اللاحقة لجسميته، سمي: " مادة ثانية ". وإن كانت حيثيته حيثية القوة محضا، وهو الذي تنتهي إليه المادة الثانية بالتحليل، وهو الذي بالقوة من كل جهة إلا جهة كونه بالقوة من كل جهة، سمي: " هيولى " و " مادة أولى ". كذا في نهاية الحكمة: ٢٤٤.
(3) راجع الفصل الخامس من المرحلة الرابعة.
(١٢٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 119 120 121 122 123 124 125 126 128 129 130 ... » »»