بداية الحكمة - السيد محمد حسين الطباطبائي - الصفحة ١٢٣
وإذا كان كذلك، فلو فرض أمر كمالي مترتب على فعل فاعل ترتبا دائميا لا يختلف ولا يتخلف، حكم العقل حكما ضروريا فطريا بوجود رابطة وجودية بين الأمر الكمالي المذكور وبين فعل الفاعل، رابطة تقضي بنوع من الاتحاد الوجودي بينهما ينتهي إليه قصد الفاعل لفعله، وهذا هو الغاية.
ولو جاز لنا أن نرتاب في ارتباط غايات الأفعال بفواعلها مع ما ذكر من دوام الترتب، جاز لنا أن نرتاب في ارتباط الأفعال بفواعلها وتوقف الحوادث والأمور على علة فاعلية، إذ ليس هناك إلا ملازمة وجودية وترتب دائمي، ومن هنا ما أنكر كثير من القائلين بالإتفاق العلة الفاعلية، كما أنكر العلة الغائية وحصر العلية في العلة المادية (1) وستجئ الإشارة إليه (2).
فقد تبين من جميع ما تقدم: أن الغايات النادرة الوجود المعدودة من الإتفاق غايات دائمية ذاتية لعللها، وإنما تنسب إلى غيرها بالعرض، فالحافر لأرض تحتها كنز يعثر على الكنز دائما، وهو غاية له بالذات، وإنما تنسب إلى الحافر للوصول إلى الماء بالعرض، وكذا البيت الذي اجتمعت عليه أسباب الانهدام ينهدم على من فيه دائما، وهو غاية للمتوقف فيه بالذات، وإنما عدت غاية للمستظل بالعرض، فالقول بالإتفاق من الجهل بالسبب.
الفصل العاشر في العلة الصورية والمادية أما العلة الصورية: فهي الصورة - بمعنى ما به الشئ هو هو بالفعل - بالنسبة إلى النوع المركب منها ومن المادة، فإن لوجود النوع توقفا عليها بالضرورة، وأما بالنسبة إلى المادة، فهي صورة وشريكة العلة الفاعلية على ما تقدم (3)، وقد تطلق الصورة على معان اخر خارجة من غرضنا.

(1) وهم الماديون المنكرون لما وراء الطبيعة.
(2) في الفصل الآتي.
(3) في الفصل السابع من المرحلة السادسة.
(١٢٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 118 119 120 121 122 123 124 125 126 128 129 ... » »»